(فصل): [في السنة النبوية]
  (والمبحوث عنه هنا) أي: في هذا الموضع: (هو الأول من الأخيرين) وهو نقل خبر النبي ... إلخ؛ لأنه الذي يصلح دليلاً وطريقاً إلى العلم والعمل. وأما معرفة كيفية دلالته وما يُشترط فيه فموضعه كتب أصول الفقه.
  (فمن عاصر النبي ÷ كفاه ما تلَّقاه منه) ورآه (من غير مؤنة) أي: من غير تَحَمُّلِ مشقة وسقط عنه بذلك تكاليفُ كثيرةٌ، (ومن كان نازحاً عنه) بأن يكون في بلاد بعيدة (أو تراخت به الأيام عن إدراك زمنه) أي: لم يكن في عصر النبي ÷ (لزم) ذلك النازح والمتأخر عن مدته لزوماً (على الكفاية) إذا قام به البعض سقط عن البعض الآخر (البحثُ) والتفتيش (في صحة ما روي عنه) ÷ من أقواله وأفعاله وتقريراته ليتّبع ما يصح ويترك ما لم يصح؛ (لقوله ÷: «ألا وإنه سيُكذب عليَّ ..» الخبر) هو في خطبة الوداع: «أيها الناس، إني امرؤٌ مقبوضٌ وقد نُعِيَتْ إليَّ نفسي، ألا وإنه سيُكذب عليَّ كما كُذِبَ على الأنبياء من قبلي، فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فهو مني وأنا قلته، وما خالفه فليس مني ولم أقله».
  (و) اعلم أنه (لا خلاف في صحة) الخبر (المتواتر) نقله عن النبي ÷، (وهو ما نقله جماعة) عن جماعة (يحيل العقل تواطؤهم على الكذب)؛ لكونهم مختلفي الديار منقطعي الأسباب لا حامل لهم على الائتلاف، (ثم كذلك) أي: ثم نقله جماعة قبلهم عن جماعة كذلك حتى رفعوه (إلى النبي ÷) فلم ينقصوا عن العدد المعتبر في ذلك لا في الوسط ولا في الطرفين ويكون استنادهم إلى ضروري محسوس. فما كان كذلك فهو معلوم الصحة، ومعنى «ثُمَّ» هنا الترتيب في الدّرج لا في الواقع.
  قال (أئمتنا $: والمعتبر في العدد ما حصل به العلم) اليقين، وهو سكون النفس وطمأنينتها، ولا عبرة بعدد معين؛ إذ قد يكثُر العدد ولا يحصل به العلم كما