(فصل): [في السنة النبوية]
  حضور عدد التواتر (فسكتوا) ولم يُكَذّبوه (بشرط عدم الحامل لهم على السكوت) من خوف أو غيره، وإنما أفاد العلم (للعادة القاضية بإنكاره لو كان كذباً)؛ لأن العقلاء لا يرتضون الكذب لأنفسهم من غير ضرورة.
  وعبارة الفصول: وما أخبر به واحد بحضرة خلق كثير ولم يُكذِّبوه وعُلِمَ أنه لو كان كذباً لعلموه ولا حامل لهم على السكوت فهذا صدق قطعاً للعادة. ومثلها في المعيار.
  (و) قد يحصل العلم أيضاً (بخبرهم) أي: بخبر عدد التواتر (أو) بخبر (بعضهم كذلك) أي: إذا أخبر عن نفسه وعنهم بحضرتهم (عن أمورٍ شتى) أي: مختلفة اللفظ ولكن (مُؤَدَّاها) أي: هي مؤدّية وموصلة (لمعنى واحد، وذلك كوقائع الوصي) علي بن أبي طالب (# الدالة على شجاعته) فإنها وقائع كثيرة متفرقة في أُحدٍ وبدرٍ وحنينٍ وخيبرَ وجميع مواطن النبي ÷ ومن بعده في وقت خلافته، كوقعة الجمل ووقائع صفين والنهروان، ... وغير ذلك، وكل موطن يُروى له فيه من فضيلة الشجاعة ما لم يكن لغيره، وكذلك ما يُروى عنه # من العلم والحلم والجود وسائر الخلال المحمودة، فإنه قد رُوي من طرق كثيرة وإن اختلفت الوقائع والكائنات فمُؤَدَّاها واحد، حتى صارت هذه الأمور في حقه # معلومةً بالتواتر المعنوي.
  (ويُسَمَّى) النوع (الأول) من هذه الأنواع الثلاثة في التواتر، وهو ما نقله جماعة عن جماعة (ضروريًّا)؛ لأن العلم يحصل عنده بضرورة العقل. قالوا: يخلقه الله عند تمام شروطه (في الأصحِّ). وهو قول أكثر المعتزلة، وحكاه ابن الحاجب عن الجمهور.
  وعند البغدادية هو استدلالي لأنه يقف على نظر واستدلال.
  (و) يُسَمَّى (الثاني) منها، وهو ما أخبر به بعضهم بحضرة الخلق الكثير كما سبق (استدلالياً)؛ لأن العلم منه يحصل بنظر واستدلال اتِّفاقاً.