(فرع):
  (ونقل إنكاره) أي: إنكار علي # للخلاف (جملة) وذلك أنه قال # في نهج البلاغة: (تَرِدُ على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ثم تَرِدُ تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيُصَوِّبُ آراءهم جميعاً وإلاهُهُم واحد ونبيهم واحدٌ وكتابُهم واحد؛ أفأمرهم الله سبحانه بخلافٍ(١) فأطاعوه، أم نهاهم عنه فعصوه، أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه، أم كانوا شركاء له؟ فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى! أم أنزل الله تعالى ديناً تاماً فقصر الرسول ÷ عن تبليغه وأدائه، والله تعالى يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام ٣٨]، وقال: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}) [النحل ٨٩]، إلى آخر كلامه #.
  (وكذلك) نُقِلَ إنكار الخلاف (عن كثير من الصحابة)، رُوي عن علي # وزيد بن ثابت(٢) وغيرهما تخطئة ابن عباس في عدم القول بالعول، وروي عن ابن عباس: أنه خطأ من قال بالعول، وغير ذلك كثير.
  (قالوا: لا مانع من أن الله يخاطب بمجمل ويريد من كل ما فهمه) فيكون مفهوم كل مجتهد مراداً لله وصواباً.
  (قلنا: قام الدليل على منعه كما مَرَّ) ذِكْرُهُ من الأدلة على تحريم الاختلاف.
  ثم إن التجويز المذكور لا تقوم به حجة.
(فرع):
  (واختلفت المُخطِّئة) أي: الفريق الذين ذهبوا إلى أن الحق في المسائل الظنية واحد، فقال (بشر المريسي وابن عُليَّة والأصم: والمخالف) للحق (مخطئ آثمٌ مطلقاً) أي: لم يشرطوا شرطاً بل أطلقوا، قالوا: لأن عليه دليلاً قاطعاً.
(١) في (ب): بالاختلاف.
(٢) زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي، أبو خارجة، استصغره النبي ÷ يوم بدر فرده وشهد ما بعدها، ولم يشهد شيئاً من حروب علي #. قال ابن عبدالبر: وكان مع ذلك يفضل علياً ويظهر حبه. توفي بالمدينة سنة خمس وأربعين، وقيل غير ذلك. (لوامع الأنوار باختصار).