[بيان من هو الإمام بعد رسول الله ÷ بلا فصل]
  المسجد فلم يُعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله ÷ فلم يُعطني أحد شيئاً، وعلي كان راكعاً فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وكان يَتَخَتَّم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبي ÷، فلما فرغ النبي ÷ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: «اللهم إن أخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ}[القصص ٣٥]، اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي علياً أخي أشدد به أزري».
  قال أبو ذر: فوالله ما استَتَمَّ رسول الله ÷ الكلام حتى هبط عليه جبريل # من عند الله وقال: يا محمد، هنيئاً ما وهب الله لك من أخيك، قال: «وما ذاك يا جبريل؟» قال: أمر الله أُمتك بموالاته إلى يوم القيامة، وأنزل عليك قرآناً {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة ٥٥]، ثم ذكر الحاكم روايات أخر في هذا المعنى إلى أن قال: قال أبو مؤمن: لا خلاف بين المُفسرين أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي #.
  (وورد) الخطاب في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (بلفظ الجمع من باب إطلاق العام على الخاص) لأن المراد به علي #، وذلك جائز كما سبق تقريره.
  (ونظيرُهُ قوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ..}) الآية [المنافقون ٧] فإنه قد أطلق لفظ العام فيها على الخاص، وذلك (لأن المَعْنِيَّ بها عبدالله(١) بن أُبَيٍ وحْدَه)؛ لأنه الذي قال ذلك دون غيره (لنقل
(١) عبدالله بن أُبَيّ المشهور بابن سلول، وسلول جدته لأبيه، رأس المنافقين. من أهل المدينة. (الأعلام للزركلي باختصار).