عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب) [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

صفحة 274 - الجزء 2

  خِفْتَ الفتنة في الدين وفساده فاجعل مالك ودمك دون دينك، (وكالجهاد) فإنه يجوز معه ذلك بل الضرر والقتل أيضاً ولا يكون ذلك التجويز مُرَخِّصاً في إسقاط وجوبه، أما مع الشك في ذلك أو التجويز المرجوح فلعله إجماع، وأما مع الظن أو العلم بحصول ذلك فكذلك أيضاً عند أكثر أئمتنا $.

  قال # في كتاب التحذير: وكذلك قد صحَّ لنا عن عيون العترة $ والجمهور من علماء الأمة أن الخشية على المال لا تكون رخصة في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

  قلت: ووجهه: أن المال من رزق الله سبحانه، وقد قال تعالى: {.. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}⁣[الطلاق]، فمن ترك شيئاً لله سبحانه رزقه الله خيراً منه فهو عليه سبحانه وتعالى في أي موضع يكون العبد فلا يكون إتلافه عذراً في إسقاط الواجب؛ لأن عوضه على الله تعالى مع صدق التوكل والتسليم لأمر الله، والتشريد كانتهاب المال.

  قال الهادي # في جواب إبراهيم بن المحسن حيث قال: وسألته عن رجل ساكنٍ في بلدة وقد وَلِيَ أمر البلدة سلطان ظالمٌ والسلطان يقتضي منه جباية من غير طيبة من نفسه وهو يخاف إن خرج من البلد على نفسه التلف.

  الجواب في ذلك: إن كان مخافته على نفسه مخافة أن يجوع في الأرض أو يعرى ويتلف إذا خرج من تلك البلد فليس هذا بعذر له؛ لأن الله ø يرزقه في بلده وغيرها، وإن كان يخاف أن يظفر به سلطان بلده فيقتله إن خرج ولم تكن له حيلة في الانسلال عنه وكان لا محالة واقعاً في يده إن خرج فله في ذلك العذر إلى أن يأتيه الله ø بفرج، وإن قَدَرَ وأمكنه أن لا يعمل عملاً يأخذ منه فيه السلطان فليفعل. انتهى.

  وأما خوفُ الضرر بالنفس أو تلفها أو قطع عضو ولم يتمكن من الهجرة فلا شك أن ذلك رخصة في الترك كما سيتضح لك، والله أعلم.

  والأصل في ذلك قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}⁣[النحل ١٠٦]،