عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب) [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

صفحة 276 - الجزء 2

  السَّبُّ فسُبُّوني فإنه لكم نجاةٌ ولي زكاةٌ⁣(⁣١)) فعُرف من ذلك أن ظن القتل ونحوه عذر إجماعاً في فعل المحظور غير ما استثني، وترك الواجب وإن ظنَّ الضرر بالنفس موضع اتفاقٍ بين أهل المذهب أنه عذر مبيح لترك الواجب.

  وَفَرَّقَ أهل المذهب بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر الواجبات، فقالوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لا يَسقطان إلَّا إذا كانا يُؤديان إلى تَلَفِهِ أو تلف عضو منه أو مالٍ مُجحفٍ أو منكرٍ مُسَاوٍ أو أنكر. ذكره الإمام المهدي # في الأزهار.

  قالوا: كالقتال فإنه يجب مع خشية القتل، ولم يتضح لي وجه الفرق؛ لأنه إن صَحَّ تفسير الضرر بدون ذلك كان كذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن لم يصح تفسيره بدون ذلك فالواجبات حينئذٍ سواءٌ، والله أعلم.

  وأما القتال فإن كل مقاتل يُجَوِّزُ أن يَغلب وأن يُغلب؛ بدليل أن الإمام إذا لم يجد أعواناً لم يجب عليه القتال، والله أعلم.

  قال #: (وحصول القدرة) من الآمر والناهي (على التأثير) أي: حصلت القدرة على تحصيل ما أمر به والانتهاء عما نهى عنه وحصل (مع) ذلك (ظن الانتقال) من المأمور والمنهي (إلى منكر غيره)، سواءٌ كان مساوياً أو زائداً أو دونه (لا يُرَخِّص في الترك) أي: لا يكون عذراً مبيحاً لترك الأمر والنهي؛ (لأن هذا) الذي حصلت القدرة عليه (منكر معلوم، وذلك) أي: المنكر الذي ظَنَّ وقدَّر وقوعه بسبب النهي عن هذا المنكر المعلوم (مُجَوَّزٌ مظنون) أي: ليس معلوماً وقوعه؛ إذ يجوز أن لا يقع إمَّا بحصول موت أو أي مانع فلا يسقط الواجب المتيقن المعلوم بالمجَّوز المظنون.

  وقال الإمام المهدي # وغيره وهو قول كثير من أهل المذهب: إنه يُشترطُ أن لا يعلم الآمر الناهي ولا يظن أن أمره ونهيه يؤدِّيان إلى منكرٍ آخر هو مثل


(١) رواه في نهج البلاغة، ورواه محمد بن سليمان الكوفي في المناقب.