(فصل:) [في المحتسب]
  متفكراً في ذلك القدر الكافي (وجب دفعه بغير رَوِيَّة) أي: بغير تفكُّر في القدر الكافي (ولو) كان دفعه (بالأضر، وهو قوي لعدم حصول الانزجار لولاه) أي: لولا دَفْعُهُ بذلك الأضر.
  (و) أما (الحمل على فعل الواجب) أي: التكليف (بالإكراه) لفاعله كالإكراه على الصلاة وتسليم الزكاة بالقتال فلا يجوز للآحاد، بل (يَختصُّ الإمام(١) غالباً) أي: في أغلب الواجبات احترازاً من الواجبات العقلية كما مَرَّ، وكذلك يجوز للمحتسب الإكراهُ على المعاونة على دفع المنكر، وأخذُ المال لدفع الكفار والبغاة، وإنما اختص الحمل على الواجب بالإمام (للإجماع على وجوب ذلك على الإمام وعدم الدليل في حق من عداه) أي: في حق مَنْ عدا الإمام.
  وأما الإكراه على فعل الواجب من دون قتال كالإكراه على فعل الصلاة وعلى تسليم الزكاة من أربابها إلى الفقراء فلا يبعد وجوبه على كل من قَدَرَ عليه، والله أعلم.
(فصل:) [في المُحتسب]
  (والمُحتسبُ: هو المنتصب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) سُمِّيَ المُحتسب محتسباً لأنه يحتسب في جميع أموره بما يُرضي الله تعالى، ذكره الأمير الحسين #. وهو مأخوذ من الحَسَبِ الذي هو كرم الآباء أو كرم النفس كما ذكر أهل اللغة، والله أعلم.
(١) قال مولانا الإمام الاعظم أمير المؤمنين المهدي لدين الله رب العالمين محمد بن القاسم الحسيني الحوثي #: وأما الأمر بالمعروف فيجب أيضاً، لكن الإجبار عليه مخصوص بالأئمة ومن ولي من جهتهم، والفرق بينهما: أن مراد الله تعالى في المنكر زواله وعدم وقوعه، وهو يحصل بالحيلولة بينه وبين فاعله ولو بالقتل، بخلاف الأمر بالمعروف فإن مراد الله تعالى وقوع المعروف وهو لا يحصل بالإجبار لاسيما بالقتل، ولأن العبادات شرطها النية وهو لا يمكن الإجبار عليها؛ لأنها من أفعال القلوب؛ ولهذا فإن الإمام إذا أجبر على الزكاة وأخذها كرهاً كانت نيته كافية لرب المال. والمعاقبة على ترك الواجب مثل قتل قاطع الصلاة على جهة الحد وهو يختص بالأئمة، والأدلة كثيرة أشرنا إليها آجلاً. انتهى تمت من كلام الإمام عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام. كتبه المفتقر الى الله سبحانه مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي غفر الله لهم وللمؤمنين.