(باب الهجرة)
  العلوي عن ابن مسعود عن النبي ÷ أنه قال: «يا ابن مسعود، لا يجيء هلاك أمتي إلَّا من الفقهاء وعلماء السوء ومنهم هلاك الدين، يا ابن مسعود، قال الله ø: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الجمعة ٥]»(١).
  ولمَّا خالط الزهري(٢) [بعض(٣)] السلاطين كَتَبَ إليه أخٌ له في الدين: عافانا الله وإيَّاك أبا بكر من الفتن، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو لك الله ويرحمك، أصبحت شيخاً كبيراً وقد أثقلتك نعم الله بما فَهَّمَكَ من كتابه وعَلَّمَكَ من سُنَّة نبيه، وليس كذلك أخَذَ الله الميثاق على العلماء قال الله سبحانه: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}، واعلم أن أيسر ما ارتكبت وأخف ما احتملت أنك آنست وحشة الظالم، وسهَّلت سبيل الغي بِدُنُوِّك ممن لم يُؤَدِّ حقاً ولم يترك باطلاً حين أدناك، اتخذوك قطباً تدور عليك رحى باطلهم، وجسراً يعبرون عليك إلى بلائهم، وسلماً يصعدون فيك إلى ضلالهم، ويُدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجُهلاء، فما أيسر ما عمروا بك في جنب ما خرَّبوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك فيما أفسدوا عليك من دينك ... إلى آخر الكتاب. ذكر هذا في الكشاف(٤).
(١) روى قريباً منه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم بلفظ: «هلاك أمتي عالم فاجر وعابد جاهل ..» إلخ، ورواه الثعالبي في تفسيره.
(٢) هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، احتج به الجماعة، وأثنى عليه كثير من علماء الحديث، وأما المؤيد بالله #، فقال: هو في غاية السقوط لأنه كان أحد حرس خشبة زيد بن علي #، وجرى بينه وبين زين العابدين كلام أثنى فيه الزهري على معاوية، فقال له زين العابدين: كذبت يا زهري، وكان ملازماً لسلاطين بني أمية متزيئاً بزي جندهم. (مفتاح السعادة باختصار).
(٣) مثبت من (أ).
(٤) وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج، وذكره الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين والملا القاري في المرقاة وأبو حيان في تفسيره البحر المحيط.