(فصل:) [في الوقوف بدار العصيان]
  (قلنا: استحق فاعلها) أي: المعصية المتعمدة (النار قطعاً بالنصّ) الذي تقدم ذكره من الآيات العامة لكل معصية (فلا احتمال) للصغر فيما ارتكبه المكلف عمداً من غير تأويلٍ ولا اضطرار.
  ويُؤيده ما رواه الهادي # بإسناده عن رسول الله ÷ أنه قال: «من اقتطع حق مسلم بيمينه حَرَّمَ الله عليه الجنة وأوجب له النار»، قيل: يا رسول الله، وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: «وإن كان قضيباً من أراكٍ»(١) قال ذلك ثلاث مرات.
  وروى(٢) المؤيد بالله # في سياسة المريدين قال: بلغنا أن الله تعالى أوحى إلى نبيه داود #: أن أنذر الصديقين وبَشّر المذنبين، قال: يا رب، كيف أُنذر الصديقين وأُبشر المذنبين؟ قال: بَشِّرِ المذنبين بأني(٣) أقبل التوبة منهم، وأنذر الصديقين؛ لئلا يغتروا بأعمالهم.
  قال الإمام (المهدي) أحمد بن يحيى (# وجمهور البصرية: والصغائر كلها غير مُتَعَيّنة؛ لأنها بعض العمد) وليس الخطأ والنسيان والمضطر إليه عندهم من الصغائر؛ لأن ذلك غير معصية كما سبق ذكره عنهم، قالوا: (إذ تَعْيِيْنُهَا) أي: الصغائر (كالإغراء) بفعلها، والإغراء بفعل القبيح قبيحٌ.
  (قلنا: بل كلها متعين؛ لأنها الخطأ) والنسيان والمضطر إليه وما وقع بتأويل، (كما مَرَّ).
(١) رواه الإمام الهادي # في الأحكام ورواه أبو طالب # في الأمالي عن أبي أمامة بلفظ: «سواكاً» وكذلك الإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة، ورواه ابن ماجه في سننه، والنسائي في سننه، وابن أبي شيبة في مصنفه، والطبراني في الأوسط والكبير، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق عن ابن مسعود، ورواه أحمد في مسنده، ومالك في الموطأ، والبيهقي في سننه، وابن حبان في صحيحه، وأبو نعيم في المعرفة عن أبي أمامة، وعن أبي سفيان بن جابر عن عتيك عن أبيه، ورواه البغوي في شرح السنة، ورواه في مسند الروياني، وغيرهم.
(٢) في (أ): وما رواه.
(٣) في الأصل: أني. وما أثبتناه من (أ، ب).