[تعريف الإسلام وما يلحق بذلك]
  (و) المعنى الثاني من معنيي الإسلام في الشرع: هو (الاعتراف بالله ورسوله ÷ وما عُرِفَ من الدين ضرورة) كالصلاة والزكاة والصيام(١) وأصول الشرائع، أي: الاعتراف بالجَنَان بوجوبها (والإقرار) باللسان (بذلك) أي: بالله ورسوله وما عُرف من ضرورة الدين (مع عدم ارتكاب معصية الكفر) كَسَبِّ الأنبياء أو قتلهم أو نحو ذلك مما يُوجب الكفر على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  (ففاعل) المعصية (الكبيرة غير معصية الكفر مُسْلم فاسقٌ) يستحق الخلود في النار وهو مع ذلك غير كافر كفر الجحود المُخرجِ من الملة، وسيأتي بيان معصية الكفر ومعصية الفسق إن شاء الله تعالى.
  وهذا المعنى الثاني من معنيي الإسلام لا شك فيه وأنه يصح إطلاقه عند أهل الشرع على القاتل عمداً أو الزاني ونحوهما، ولكن: يقال: هل نَقَلَهُ الشارع من أصل وضعه - وهو الانقياد - إلى هذا المعنى، كما نقله إلى معنى الإيمان؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران ٨٥]، ولقوله تعالى: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[الذاريات ٣٦]؛ وحينئذٍ يصح أن يُقال: هو حقيقة دينية في مرتكب الكبيرة؛ لأنه يمكن أن يقال: إنما أُطلق اسم المسلم على مرتكب الكبيرة على مقتضى أصل الوضع اللغوي وهو الانقياد، والله أعلم.
  وقال (بعض الإمامية: بل) الإسلام (الانقياد) أي: الإذعان والقبول والإقرار وإن لم يصحبه عمل، كما تقدم ذكره عنهم من رواية النجري أن الإسلام عندهم هو الإقرار من دون معرفة وأنه أعَمّ من الإيمان، ولكن يُقال: هذا المعنى لغوي لا شرعي، والله أعلم.
  (لنا) حجة على أن الإسلام يُطلق على الإيمان ديناً: (قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا}) أي: في قرية لوط # - وهي سدوم - ({مِنَ الْمُؤْمِنِينَ})
(١) في (أ): والصوم.