(فصل:) في ذكر الكفر والنفاق والفسق وحقايقها
(فصل:) في ذكر الكفر والنفاق والفسق وحقايقها
  (والكفر لغةً) أي: في لغة العرب: (التغطية)، ومنه سُمِّيَ الزراع كافراً؛ لأنه يُغطي البذر بالتراب، وسُمِّي الليل المظلم كافراً لأنه يستر بظلمته كل شيءٍ، وكذلك تسمية البحر كافراً لأنه يستر ما فيه، ومن ذلك سُمِّي الكافر بالله تعالى؛ لأنه يستر نعم الله، وهو مشتق من الكَفْرِ بالفتح، وهو التغطية.
  (و) الكفر (في عرفها) أي: في عرف اللغة: (الإخلال بالشكر، قال الشاعر) وهو عنترة(١):
  (نُبِّئْتُ عَمْراً غير شاكر نعمتي ... والكفر مَخْبَثَةٌ لنفس الْمُنعَمِ)
  أراد بالكفر هنا الإخلال بشكر النعمة.
  (و) الكفر (ديناً) أي: بنقل الشارع له إلى أُصول الدين: (عصيان) لله تعالى مخصوص (مخرج لمرتكبه من مِلَّة الإسلام(٢)) أي: من دين الإسلام، وذلك كمن يجحد بالله تعالى أو برسله أو ينسب إليه تعالى صفة النقص أو نحو ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  وأما مَنْ حَدَّ الكفر في الشرع بأنه ما يستحق عليه أعظم أنواع العقاب فهو دور محض.
  قال الإمام المهدي #: ونحن نأتي له بَحدٍّ يكشف عن تفاصيله ولا يلزم منه دور فنقول: الكفر هو الخُلُوُّ عن معرفة الله تعالى أو نبوَّة نبيه، أو الاستخفاف بالله أو
(١) عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي: أشهر فرسان العرب في الجاهلية، ومن شعراء الطبقة الأولى. من أهل نجد. أمه حبشية اسمها زبيبة. عاش طويلا، وقتله الأسد الرهيص أو جبار بن عمرو الطائي. (الأعلام للزركلي باختصار).
(٢) قد يُقال: لا نعلم كونه مُخرجاً إلَّا بعد العلم بكونه كفراً، فيكون دوراً كما قيل في حَدِّه بما يستحق عليه أعظم أنواع العقاب، ويمكن أن يُجاب عنهما بأن خصال الكفر معلومة، فأتي بلازم يجمعها يغني عن ذكرها مفصلة، والله أعلم. تمت من خط سيدي الحسين |. من هامش الأصل. وهي في هامش (أ، ب).