عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في ذكر الكفر والنفاق والفسق وحقايقها

صفحة 315 - الجزء 2

  قال في الصحاح: النفاق: مأخوذ من النافقاء، وهي إحدى جِحَرَةِ اليربوع يكتمها ويُظهر غيرها، وهو موضع يرققه فإذا أُتِيَ من جهة القاصعاء ضَرَبَ النافقاء برأسه فانْتَفَقَ أي: خرج.

  (و) رُوي (عن القاسم) بن إبراهيم (#) أنه قال: (بل) النفاق: هو (الرياء فقط) وهو إظهار الخير وإبطان الشر، فهو باقٍ على معناه اللغوي لم ينقله الشرع إلى إظهار خيرٍ مخصوصٍ وهو الإسلام، وإبطان شرٍّ مخصوصٍ وهو الكفر، ومثله ذكر زيد بن علي والناصر للحق @ وغيرهما، وهو الحق؛ إذ لا دليل على النقل، و (لقوله تعالى) في وصف المنافقين: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَتَّبَعْنَاكُمْ (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَب مِنْهُمْ لِلإيمَان} [آل عمران ١٦٧] فلو كانوا كُفَّاراً ما قال) تعالى: (هم أَقْرَبُ إليه وهم) حينئذٍ (فيه) فقد استعمله هنا فيمن أظهر خيراً وهو الإيمان والامتثال لأمر الملك الديان، وأبطن شراً وهو العصيان من غير أن يكون ذلك العصيان كفراً؛ لأنه لو كان كفراً ما قال تعالى: «هم أقرب إليه» وهم فيه؛ لأنه لا يُقال: هذا أقرب إلى هذا إلَّا وهو غير حاصل فيه.

  فلما قال تعالى: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ} عُلم أنهم غير داخلين في الكفر.

  قال #: (قلنا) في الجواب على القاسم #: (المراد أنهم مائلون إليه) أي: إلى الكفر، أي: هم أكثر ميلاً إلى الكفر، وهذا القول يصلح أن يوجه إلى من هو كافر، أي: هو مُحِبٌّ للكفر ومائل إليه أكثر من محبة الإسلام والميل إليه؛ (لقوله تعالى فيهم: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ}) [التوبة ٥٤]، وهذا تصريح بكفرهم.

  (ولتصريحهم بتكذيب الله تعالى فيما حكى الله عنهم في قوله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ}) أي: من