(فصل:) في ذكر الكفر والنفاق والفسق وحقايقها
  الفتح والنصر ({إِلَّا غُرُورًا ١٢}) [الأحزاب]، أي: كذباً، ومن كَذَّب الله ورسوله فهو كافر.
  ويُقال: إن القاسم # لم يمنع من تسمية من أظهر الإسلام وأبطن الكفر منافقاً، وإنما منع اختصاص المنافق به؛ لعدم الدليل على الاختصاص.
  وقد أوسع الناصر # في كتاب البساط الاحتجاج على ذلك، وقد ذكرنا منه قسطاً في الشرح.
  (والفِسْقُ لغةً: الخروج) يقال: فَسَقَتْ الرُّطَبَةُ، إذا خرجت عن قِشْرِهَا، وفَسَقَ عن أمر ربه، أي: خرج. ذكره في الصحاح. والفِسِّيق الدائم الفسق، والفُوَيْسِقَةُ الَفْأرَةُ.
  (و) الفِسْقُ (في عرفها: الخروج من الحدِّ في عصيان أهل الشرك) أي: عصيان خارج عن عصيان أهل الشرك، أي: زائد على معاصيهم في الفحش؛ ولهذا قال #: (وهو الخباثة، ومنه قيل) للزاني: فاسق لاستهجان الزنا عندهم، و (للخبيثة) من النساء المُعتمدة على الفجور (يا فَسَاقِ) أي: يا فاسقة.
  ومن ذلك: تسميتهم للفأرة: فُوَيسقة لأن ضرها(١) زائد على الحدِّ المعروف من سائر الضوار في الخباثة.
  (و) حقيقة الفسق (ديناً) أي: في الشرع ودين الإسلام: (ارتكاب كبيرة) أي: فعل معصية كبيرة (عمداً لم يرد دليل بخروج صاحبها) أي: مرتكبها (من الملة) أي: ملة الإسلام، كالزنا وشرب الخمر والقتل من غير استحلال لذلك؛ لقوله تعالى عقيب ذكر قذف المحصنة: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ونحوها كثير.
  ولا خلاف أن الكافر فاسق أيضاً؛ لأن الفاسق خارج عن طاعة الله تعالى، ولا خلاف أن البَرَّ التقي لا يُسَمَّى كافراً ولا فاسقاً.
(١) في الأصل و (ب): لأن ضررها. وما أثبتناه من (أ).