عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(تنبيه)

صفحة 327 - الجزء 2

  كفر⁣(⁣١) أكثر من عقاب أعظم فسق⁣(⁣٢)، فعقاب من استحل كبيرة ولم يفعلها قط أعظم من عقاب من استمر على ارتكابها طول عمره ولم يستحلها قط، واستدلوا على ذلك بأنه قد ثبت أن للكافر أحكاماً غليظةً؛ إذ تُستباح بسببه الأرواح والأموال، وينفسخ به النكاح ونحو ذلك ولم يثبت للفسق هذه الأحكام، وهو دليل على أن عقابه دون عقاب الكفر.

  قال: واعترض هذا بعض المتأخرين بأن هذه الأحكام إنما شُرعت لكونها مصالح، ولا تدل على كثرة عقاب ولا على قِلَّته، يُوضحه أنا نقطع باستحقاق الفاسق ما هو أعظم من أخذ الروح والمال وجميع تلك الأحكام، وهو نار جهنم، وحينئذٍ فيجوز فيمن قتل النفوس وقَطَعَ السبيل وظَلَمَ الأيتام، وبالغ في ارتكاب الفواحش وإن لم يأت بخصلة كفرية أن يكون عقابه كعقاب من تَكَلَّم بكلمة الكفر، أو سجد لغير الله مع علمه بأنه لا يستحق السجود إلَّا الله تعالى. انتهى.

  ومثله ذكره الإمام يحيى # في الشامل.

  قلت: قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}⁣[الأحزاب ٣٠]، وقوله تعالى في نبينا محمد ÷: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}⁣[الإسراء ٧٥] كما مر يدل على أن عذاب المتلبس بالإسلام العارف للشرائع والمُقر بها وهو مع ذلك يتجارى على الله سبحانه بالفواحش أعظم من عقاب الكافر الجاحد؛ لأنه حينئذٍ كالمستهزئ بالله والمقابل لما فَضَّله الله به وأنعم عليه من فضيلة العلم ومعرفة الشرائع بالكفر لها والعصيان، وقد قال الله تعالى في المنافقين: إنهم فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، والله أعلم.

  ويؤيد ذلك: ما رواه أبو طالب # في أماليه بإسناده عن جعفر بن محمد عن


(١) في (أ): «كافر».

(٢) في (أ): «فاسق».