(فصل): [في ذكر الإكفار والتفسيق]
  أبيه عن جده $(١) قال: قال رسول الله ÷: «والذي نفس محمد بيده لَلزَّبانية من الملائكة أسرع إلى فسقة حملة القرآن منهم إلى عبدة النيران والأوثان، فيقولون: يا رب، بُدِئَ بنا، سُورِع إلينا، يا رب يا رب، فيقول الرب تبارك وتعالى: ليس من يَعْلَمُ كمن لا يَعْلَم»(٢).
(فصل): [في ذكر الإكفار والتفسيق]
  (ولا إكفار ولا تفسيق إلَّا بدليلٍ سمعي).
  قال الإمام المهدي #: واعلم أن معرفة مسائل الإكفار والتفسيق واجبة على كل مسلم؛ لأن الشرع ورد بأحكام تُعُبِّدْنَا بها في حق المؤمن والكافر والفاسق تتعلَّق بالموالاة والمعاداة والتناكح والكفاءة والتوارث ونحوها، فيجب على كل مكلف ملتزم بالشريعة معرفة تلك الأمور؛ لِيُمْكِنَه تأدية ما كُلِّفَ من الأحكام المتفرعة عليها، قال: لا يقال: إنما لزم المكلف إجراء أحكامهم بشرط معرفتهم ومهما لم يعرفهم لا(٣) تلزمه أحكامهم، وتحصيل شرط الواجب ليجب لا يجب؛ لأنا نقول: إنه سبحانه قد عرَّفنا أنَّ في أفعالنا ما هو طاعة وما هو معصية، وفي المعصية ما هو كفر وما هو فسق، وأنَّ لكل واحد منهما أحكاماً يجب علينا العمل بها، وقد عرَّفنا وقوع الطاعات والمعاصي من العباد، ومكَّننا من تمييز بعضها من بعض، وأَمَرَنَا في المطيع بأحكام وفي العاصي بأحكام أمراً مطلقاً من غير شرط، ألا ترى إلى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}[الممتحنة ١]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة ٥١]، وقوله في قصة إبراهيم #: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}[التوبة ١١٤].
(١) في الأصل: #. وما أثبتناه من (أ).
(٢) رواه الإمام أبو طالب # في الأمالي، وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير ثم قال: الطبراني، وأبو نعيم في الحلية عن أنس.
(٣) في (أ): «لم».