عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في ذكر الإكفار والتفسيق]

صفحة 329 - الجزء 2

  وقد أُمرنا بالتأسي بإبراهيم # والذين معه، فوجب علينا معرفة من هو المؤمن لنتبع سبيله، وما يصير به المكلف عدواً لنتبرأ منه ونحو ذلك، وإلَّا لم نأمن من موالاة عدو الله والتبري من ولي الله؛ وكذلك حيث عَلِمْنَا وقوع معصية من عبدٍ فيجب علينا النظر في شأنها هل توجب الفسق أو الكفر أو لا، ليمكننا إجراء حكمها على صاحبها؛ فوجب معرفة ذلك لأجل الأمر المطلق. انتهى.

  قلت: ومراده # حيث احتاج المكلف إلى معاملة الكافر والفاسق؛ لِما سيجيء إن شاء الله تعالى، وأما إذا لم يحتج إلى ذلك فوجوب معرفة ذلك تختص العلماء والأئمة، والله أعلم.

  واعلم أنه لا يجوز الإكفار ولا التفسيق - أي: الحكم بارتكاب⁣(⁣١) الكبيرة الموجبة للخلود في النار - إلَّا بدليل سمعي؛ (لأن تعريف معصيتهما) أي: كونها موجبة للكفر أو الفسق (لم يثبت إلَّا بالسمع إجماعاً) من الأمة؛ إذ لا يهتدي العقل إلى التمييز بين عصيانٍ وعصيانٍ، ومعرفة مقدار العقاب على كل معصية بعينها، (قطعي) أي: دليل مفيد للعلم قطعاً (لاستلزامهما) أي: التكفير والتفسيق (الذمَّ والمعاداةَ) لصاحبهما؛ لكونه عدواً لله (والقطعَ بتخليد صاحبهما في النار إذا لم يتب، وجميع ذلك) أي: الذم والمعاداة والقطع بتخليد صاحبهما في النار (لا يجوز إلا بقاطع إجماعاً) بين المسلمين.

  ولقوله ÷: «أُمِرْتُ أن أُقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها حقنوا دماءهم وأموالهم إلَّا بحقها، وحسابهم على الله تعالى»⁣(⁣٢).


(١) الأولى الحكم بكون المعصية توجب الكفر أو الفسق والخلود في النار، لا الحكم لكون فلان ارتكبها فيقبل فيه كالشهادة في القتل ونحوه، وخبر العدل في الجرح والتعديل، فتأمل والله ولي التوفيق. تمت كاتبها مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي غفر الله له.

(٢) رواه الإمام الهادي # في الأحكام، ورواه الإمام المهدي محمد بن المطهر بن يحيى # في عقود العقيان، ورواه أبو طالب # في الأمالي عن أنس والمؤيد بالله # في شرح التجريد عنه وعن جابر، ورواه البخاري في صحيحه، ومسلم في صحيحه، والنسائي في سننه، والترمذي في سننه، وأبو داود في سننه، وابن ماجه في سننه، وغيرهم.