[أسباب الكفر وأنواعه]
  (و) لنا أيضاً (الإجماع) المعلوم [من(١)] المسلمين (على أنَّ مَنْ رَدَّ آيةً) من كتاب الله (فهو كافر) لِردّة ما عُلِمَ ثبوته من الدين ضرورة، ولا شك أن المجبرة والمشبهة رَدُّوا كثيراً من الآيات المُحْكَمَة.
  وما قيل: من أنهم لم يرتكبوا الشيء الذي هو كُفْرٌ بعينه، وإنما ارتكبوا مثله وأنكروا المماثلة، بخلاف عُبَّاد النجوم والأصنام ونحوهم، مما لا يصلُح أن يكون فارقاً:
  أما أولاً: فنقول: إن الذي دانت به المجسمة من أن الله تعالى جسم ذو أعضاءٍ - تعالى الله عن ذلك - هو عين ما جاء النبي ÷ بنفيه لا مثله؛ لأن الله سبحانه قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فَعَمَّ نفي المشابهة في أي شيءٍ من الأشياء.
  وأما ثانياً: فلأنه لا فرق بأن يكون ذلك عين ما جاء النبي ÷ بنفيه أو مثله؛ لأن العلة في كفرهم هي جهلهم بالله تعالى ونسبة صفة النقص إليه جل وعلا وسَبُّهم له وَرَدُّهم آيات القرآن المحكمة مع وضوح الدلالة، وإنكارُهُم للمماثلة إنكارٌ للضرورة، فلا يُسمع، والله أعلم.
  وأيضاً فإنا نقول للخصم: ألست تُسَلِّمُ أنَّ من استحل الخمر أو سَبَّ النبي ÷ فقد كفر وإن كان مُقِرَّاً بالنبي ÷؟
  فلا بُدَّ أن يقول: نعم، وإذا قال: نعم، قلنا له: فما وجه كفره وقد أقر بالنبوَّة وصَلَّى إلى القبلة، ولا جواب له عن ذلك إلا بأن يقول: إنه باستحلاله الخمر صار مُكَذِّباً له، وَبِسَبِّه له صار مُسْتَخِفَّاً به، ونحن نعلم ذلك ضرورة، فعلمنا أنه كفر وإنْ أقَرَّ بنبوَّته وصَلَى إلى قبلته.
  وإذا أجاب بذلك قلنا له: قد أمكنت راميك من صفاء الثّغرة، وذلك لأنا كذلك نقول. هكذا ذكره # في الغايات.
  قال #: (وكذلك القول فيمن يقول: إن الله يَحُلُّ في الكواعب الحسان ومن
(١) في الأصل و (ب): بين المسلمين. وما أثبتناه من (أ).