عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب التوبة)

صفحة 348 - الجزء 2

  بأنها صغيرة. وهذا إنما يتفق في حَقِّنا على سبيل الفرض والتقدير، وأما في حق الأنبياء فيتحقق الخلاف؛ لأن معاصيهم صغائر.

  قال: والصحيح أن التوبة لا تجب عليهم عقلاً، بل سمعاً فقط؛ لقوله تعالى لنبيه ÷: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} ونحوها.

  واعلم أن التوبة لا يجب قبولها عقلاً وفاقاً لأبي القاسم البلخي، وخلافاً للبصرية.

  قلنا: الذنب يقتضي العقاب، وهو حق لِلْمُعَاقِبِ أو في حكمه فلا يسقط إلَّا برضاه أو ما في حكمه، وكوجوب رَدَّ المال والقصاص، ولقوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}⁣[الآية⁣(⁣١) ] [البقرة ٥٤]، فلو وجب قبولها عقلاً لما أمرهم بقتل أنفسهم؛ لأنه بعض عقوبة، بلى يحكم العقل بعدم دوام العقاب مع التوبة كما يحكم بعدم دوام الذَمّ، والله أعلم.

  (و) حقيقة التوبة (هي الندم) على ما أتى به من القبيح لقبحه، وأخَلَّ به من الواجب لوجوبه، (والعزم على ترك العَوْدِ على المعاصي) مدة العمر، فالندم والعزم ركنان لها.

  وهي مقبولةٌ من كل ذنبٍ، وخالف بعضهم في قتل المؤمن، وهو باطل.

  وهي تُقبل ولو عَلِمَ الله أن التائب يعود إلى ما تاب عنه، خلاف بعض البغداديين.

  واتفق أبو علي وأبو هاشم أنها تُسْقِطُ العقاب بنفسها، لا بالموازنة بين ثوابها وعقاب العصيان. قالوا: إذ هي بذل الجُهد في التلافي لَمَا وقع من العصيان، فالتساقط يقع بين فعلها وفعل المعصية، فتصير المعصية حينئذٍ كأن لم تكن، فيسقط العقاب تبعاً لسقوطها من غير أن يسقط شيءٌ من ثواب التوبة.


(١) ساقط من (أ).