(باب التوبة)
  وفي النهج عن أمير المؤمنين علي # في حقيقة التوبة حين قال رجل بحضرته: أستغفر الله، فقال #: (ثكِلَتك أمك، أتدري ما الاستغفار؟ إن الاستغفار درجةُ العليين، وهي اسمٌ واقعٌ على ستة معانٍ:
  أولها: الندم على ما مضى. والثاني: العزم على ترك العَوْدِ إليه أبداً. والثالث: أن تُؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله ø أمْلَسَ ليس عليك تبعةٌ. والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتُؤدي حقها. والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي قد نبت على السحت فتُذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد. والسادس: أن تُذيق الجسم ألم الطاعة، كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر الله).
  قال [السيد](١) الإمام (مانكديم) وهو أحمد بن الحسين بن أبي هاشم #: التوبة (هي الندم) المذكور، (والعزم) إنما هو (شَرْطٌ فيها) وليس ركناً.
  قال #: (وهو قريب) أي: هو قريب من أن يكون هو الأولى أو قريب من القول الأول؛ إذ لا ثمرة لهذا الخلاف.
  (وشرطها) أي: شرط صحتها أمران:
  الأول منهما: (الإصلاح فيما يتعلق بالآدمي من تسليم النفس) إذا كان التائب قاتل عمد، (و) تسليم (الأطراف للقصاص) في النفس والأطراف (و) كذا (تسليم الأُروش) إذا كان الواجب الأرش (و) كذا (الديون) اللازمة له (و) تسليم (الودائع) التي عنده لأهلها (ونحو ذلك) من جميع حقوق الآدميين، (أو العزم) على الإصلاح وتسليم الحقوق (إن لم يتمكن من ذلك حالها) أي: حال التوبة، فإنه إذا عزم على ذلك متى تمكن منه فإن توبته صحيحة.
  (و) الثاني: (أن يكون الندم لأجل وجه القُبح من الإضرار) أي: القبح الذي هو الإضرار بالغير (وعصيان الله تعالى) فيكون ندمه لأجل كون ذلك
(١) كلمة «السيد» ساقط من (أ).