(فصل:) [التوبة تكفر السيئات]
  وقال في الكشاف: فإن قلت: ما معنى مضاعفة العذاب وإبدال السيئات بالحسنات؟
  قلت: إذا ارتكب المشركُ معاصي مع الشرك عُذِّبَ على الشرك وعلى المعاصي جميعاً، فتضاعف العقوبة بمضاعفة المُعَاقَبِ عليه، وإبدال السيئات بالحسنات أن يمحوها بالتوبة ويُثْبِتَ مكانها الحسنات، الإيمان والطاعة والتقوى. انتهى.
  قلت: ويُحتمل أن يُراد بمضاعفة العذاب شدته؛ لأن الآية في المشرك والفاسق وإن تبق الآية على ظاهرها؛ لأن ندمه قد حصل عن كل معصيةٍ ارتكبها.
  فإن قيل: يلزم على ظاهر الآية التساوي بين رجلٍ بارَزَ الله تعالى بأنواع المعاصي ثم تاب ومات عقيب التوبة، ورجلٍ فعل معصية واحدةً ثم تاب ومات عقيبها أيضاً، بل الأكثر عصياناً أكثر ثواباً؛ لأن الله تعالى يُبَدِّل مكان سيئاته حسناتٍ.
  قلنا: قد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك ولا ملجئ للتأويل، وقد روى الإمام محمد بن المطهر # في عقود العقيان وغيره عن زين العابدين # وسلمان الفارسي وسعيد بن المسيب مثل قولنا، وأَكَّدَهُ واحتج له بأخبارٍ رواها:
  منها: أنه ÷ أتاه رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها ولم يترك منها شيئاً ... إلى قوله: هل لذلك من توبةٍ؟ قال: «هل أسلمت؟» قال: [أنا(١)] أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: «نعم، تفعل الخيرات وتترك السيئات يجعلهن الله خيراتٍ كلهن»(٢) فقال: الله أكبر، فما زال يُكَبِّرُ حتى تَوَارَى.
(١) ساقط من (أ).
(٢) رواه الطبراني في الكبير عن أبي طويل شطب الممدود، والخطيب في تاريخ بغداد عنه، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني عنه، وأبو نعيم في معرفة الصحابة عنه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ورواه ابن عبدالبر في الاستيعاب، وغيرهم.