عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإحباط وكيفيته

صفحة 357 - الجزء 2

  الأول، واجتناب الكبائر على الثاني، والإصرارُ على بعض الذنوب من الكبائر كما تقدم. (ولقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}) [المائدة: ٢٧]، فلا تكون التوبة مقبولة إلَّا من المُتَّقِي، وهو الذي يعم بها جميع الذنوب (والمُصِرُّ) على بعض الذنوب (غير مُتَّقٍ) لله تعالى قطعاً، فلا تُقبل توبته.

(فصل): في ذكر الإحباط وكيفيته

  (ومَنْ لم يتب من المعصية الكبيرة الغير المُخرجة من الملة) أي: من ملة الإسلام (وفعل طاعةً) بعد فعل المعصية ولم يتب (سقط القضاءُ) أي: قضاء تلك الطاعة التي فعلها، وهو عاصٍ لله تعالى (إجماعاً) بين العلماء.

  قلت: وليس ذلك من جهة أن الطاعة التي فَعَلَهَا مقبولةٌ منه، بل لأن فعله الثاني مع عدم توبته كفعله الأول فلا فائدة إذاً فيه، وإن تاب فيُمكن أن سقوط القضاء بالقياس على الكافر والمرتد، كما قال الناصر #: مَنْ تَرَكَ الصلاة عامداً فَسَقَ وعليه التوبة دون إعادة الصلاة، يعني: قضاءها.

  وكما قال القاسم بن إبراهيم # في جواب من سأله: عن رجل ترك الصلاة في حداثته عشر سنين وكان شارب مُسْكرٍ ثم تاب - أيُعِيْدُ الصلوات أم كيف يصنع؟ فقال #(⁣١): من ترك صلاته سنين عشراً مُقِلَّاً كان أو مُكْثِراً تاب إلى الله فيما يستقبل من ترك صلاته كما يتوب إليه من غير ذلك من سيئاته، وإن كانت توبته في نهار صَلَّى مثل ما ترك من صلاة النهار، وإن كانت في الليل صَلَّى مثل ما ترك من صلاة ليله. انتهى.


(١) هنا حاشية تنظير على كلام الإمام الناصر والإمام القاسم @، قال فيها: فينظر في كلام الإمام الناصر والقاسم @ فهو خارج عن محل الاستدلال، فإن كلامهما فيمن لم يفعل الطاعة لا في قضاء من فعلها. انتهى [وبعدها كلام للإمام الحجة مجد الدين بن محمد المؤيدي # قال فيه ما يلي]: يقال: إذا كان كلامهما @ في سقوط القضاء على من لم يفعلها فبالأولى سقوطه على من فعلها فالاستدلال في محله فتأمل. مجد الدين بن محمد المؤيدي.