(باب: والقيامة)
  ووعيده، يعلمون ذلك ضرورة، كما سبق ذكره في أول الكتاب.
  (و) يعلمون أيضاً ضرورة (أنَّ الصائر إليهم) من الثواب والعقاب (جزاءٌ) على أعمالهم، وذلك (لكشف الغطاء بالآيات) التي يُشاهدونها (الموجبة للقطع بذلك منذ الممات حتى المحشر) أي: يرون الآيات متتابعة من وقت موتهم إلى وقت حشرهم وحسابهم.
  وقد قيل: إنَّ الخلائق يُحشرون عراةً حفاةً، وليس بصحيح، والحق أنهم يحشرون على أحوال شتى ومراتب مختلفة على قدر أعمالهم قال الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ٨٥ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ٨٦}[مريم].
  وليس الوافد الريَّان كالمَسُوقِ الظمآن.
  وعن أبي ذر [|] أنه قال: إن الصادق المصدوق حدثني: «أن الناس يُحشرون على ثلاثة أفواج: فوج راكبين طاعمين كاسين، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم، وفوج يمشون ويسعون ..»(١) الحديث. هكذا ذكره الإمام المهدي # في الغايات.
  وقال المرتضى #: إن الله تعالى يبعثهم في أكفانهم، وفيما [تستتر(٢)] به عوراتهم عن مواقف النبيين والملائكة المقربين، فأما الذين آمنوا فيصيرون إلى دارهم، ويستوجبون الثواب من ربهم؛ فيُكسون من حلل المؤمنين، ويستترون بما وعد الله به عباده الصالحين من الثياب السندس والإستبرق، وتُطرح عنهم أكفان هذه الدنيا. وأما الذين كفروا فيكسون سرابيل القطران ... إلى آخر كلامه #. ومثل كلامه ذكر الإمام القاسم بن علي العياني #.
  وعنه ÷ أنه قال: «إن الميت ليُبعث في ثيابه التي يموت فيها»(٣).
(١) رواه النسائي في سننه، والحاكم في المستدرك وصححه، ورواه أحمد في مسنده، والطبراني في الأوسط والصغير والبزار في مسنده، وابن أبي شيبة في مصنفه، وابو نعيم في أخبار أصبهان، وغيرهم.
(٢) في الأصل و (ب): يستر. وما أثبتناه من (أ).
(٣) رواه عبدالرزاق في مصنفه عن أبي سعيد الخدري، وأبو داود في سننه، والحاكم في المستدرك، =