عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[ذكر الصراط ومعناه]

صفحة 407 - الجزء 2

  دعاءٌ لهم بالسلامة (خوفاً من أن يقعوا فيها) أي: في النار (وذلك أعظم تكليف) لا شك فيه.

  ثم نقول: إن هذا الذي زعمتم من إثبات الجسر والمرور عليه يُناقض ما تقدم ذكره، واتَّفق الإجماع منا ومنكم عليه - من تبشير المؤمن في قبره بالجنة والعاصي بالنار.

  وبعد، ذلك الميزان سواءٌ كان على حقيقته كما زعمتموه، أو كان المراد به العدل والإنصاف؛ لأنه يعرف به سعادة السعيد وشقاوة الشقي، ويعلم كل مكلف مُسْتَقَرَّهُ من جنةٍ أو نار.

  (قالوا: قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا}) [مريم ٧١]، أي: النار (وليس ورودها إلَّا المرور على الجسر) الذي فوقها.

  (قلنا: بل ورودها حضورها) أي: القرب منها (فقط؛ لأن الورود في اللغة بمعنى الحضور، كقوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القصص ٢٣]، أي: حضر) ماء مدين، وحضورها هو (من غير خوف ولا حَزَنٍ على المؤمنين؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت ٣٠]، وقوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}) [النمل ٨٩]، {لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ}⁣[الأنبياء ١٠٣]، وهذا إنما يكون قبل دخولهم الجنة.

  وقال الحسين بن القاسم # في تفسيرها: يقول ø: إنَّا إذا نزعنا من كل شيعة أشدهم عتياً، لم نذر منكم يا من بقي من الأوباش والسفل أحداً إلَّا وردها، فلا تحسبوا أنا إذا عذَّبنا المتكبرين تركنا الهمج من النار وعذابها، [ولا⁣(⁣١)] تطمعوا أيها الضعفاء أن تسلموا من جهنم ولهبها، بل نُعذبكم جميعاً.

  قال #: ومعنى قوله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} أي: وننجي الذين آمنوا، ولكن «ثُمَّ» تقوم مقام «الواو»؛ لأنهما من حروف العطف.


(١) في الأصل: فلا. وما أثبتناه من (أ، ب).