عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الحاجة

صفحة 176 - الجزء 1

  له بوصفه بسميع بصير حالةٌ⁣(⁣١) متجددة، بل معناه عندهم أنه حي لا آفة به بحيث يصح منه إدراك المسموع والمبصَرِ إذا وُجِدَا. والحجة عليهم ما تقدم.

  قال #: (فإن قيل: فَبِمَ يُدرِكُ تعالى المدركات؟).

  قال #: (قلت - وبالله التوفيق -: يدركها على حقيقتها بذاته تعالى) لا بغيرها، كما أنه عالم بذاته لا بغيرها، والمعنى: أن إدراكه هو علمه، وعلمه هو ذاته، وليس سمعُه وبصرُه وعلمُه غيرَه؛ (لبطلان الأمور) التي زعمها بعض المعتزلة (و) بطلانِ (المعاني) التي زعمها بعض المجبرة (كما مَرَّ) من قولهم. (وهذا) الذي ذكرناه من قولنا: «يدركها بذاته» (هو معنى قول الأئمة $) أي: من قال منهم: (يدركها) أي: المدركات (بعلمه؛ لأن عِلْمَهُ ذاتُهُ كما تقرر) فيما سبق من القول في صفاته تعالى.

(فصل:) في تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الحاجة

  (والله تعالى غنيٌ)، قال الإمام يحيى #: لا خلاف في نفي الحاجة عن الله سبحانه بين أهل القبلة على اختلاف أهوائهم وتباين طرقهم، ولا حُكِيَ الخلاف في احتياج ذاته عن غيرهم من الفرق المخالفة لملة الإسلام.

  واعلم أن بعض أهل علم الكلام يجعل هذه المسألة من صفات الإثبات وبعضهم يجعلها من صفات النفي؛ ولهذا ترى كثيراً منهم يجعلها متوسطة بين صفات النفي وصفات الإثبات.

  (خلافاً لبعض أهل الملل الكفرية) كفنحاص اليهودي فإنه لَمَّا نزل قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً} الآية [البقرة: ٢٤٥] قال: ما طلب القرض إلَّا محتاج، وهو منه على سبيل الهزءِ والسخرية بالقرآن لعنه الله، وإلَّا فإنه لا يخفى على ذوي العقول أنه في الآية الكريمة على طريقة التمثيل والمجاز التي هي أبلغ من الحقيقة.


(١) في الأصل و (ب): حال. وفي (أ): حالة.