فرع: [والله تعالى ليس بعض خلقه]:
فرع: [والله تعالى ليس بعضَ خلقِهِ]:
  قال (أكثر العقلاء) من أهلِ الإسلام وغيرِهم: (والله) تعالى (ليس بعض خلقه)؛ لِما ثبت من أنه تعالى ليس بجسم ولا عَرَض.
  وقال (بعض النصارى: بل اتَّحد بالمسيح) عيسى بن مريم # (فصار إيَّاه) ثم اختلفوا، فقال بعضهم: اتَّحدَ به مشيئةً، أي: صارت إرادتهما واحدةً وكراهتهما واحدة وإن كانا مختلفين من حيث الذات، فجوهرُ اللاَّهوتِ غيرُ جوهرِ الناسوت، وهؤلاء هم بعض النسطورية.
  وبعضهم قال: بل اتَّحد به ذاتاً، أي: صار جوهر اللاَّهوت والناسوت شيئاً واحداً، وهم اليعقوبية، ثم اختلفوا أيضاً، فبعضهم قال: وحْدَةً نوعيَّة. وبعضهم قال: حقيقيةً، إلى غير ذلك من الاختلاف الباطل(١) الذي لا حقيقة له.
  وقالت (الصوفية: بل اتَّحد - سبحانه - بالبغايا(٢) والمردان(٣) فصار إياهم، تعالى الله عن ذلك عُلوّاً كبيراً) وقد تقدم مقالة الصوفية أنهم يقولون: إنه تعالى يحل في الصورة الحسنة ومن جملتها البغايا والمردان، لعنهم الله تعالى.
  (قلنا: ذلك) الذي زعمتم أن الله سبحانه اتَّحد به (محدث) حدث بعد العدم عُلِمَ ذلك ضرورة، (والله تعالى ليس بمحدَثٍ، فصيرورته) تعالى (محدثاً محالٌ)؛ لأنهما شيئان متضادَّان(٤) بينهما كمال الاختلاف، فلو جاز اتحادهما لكان القديم محدَثاً والمحدثُ قديماً، وذلك محال.
  وأما من قال: إنهما اتَّحدا مشيئة فهو باطل أيضاً؛ لأن إرادة المسيح # هي الضمير والنية، والله سبحانه مريدٌ لا بإرادة؛ فيستحيل أن يتحد شيءٌ بلا شيءٍ،
(١) في (أ): من الاختلاف والباطل.
(٢) البغايا: بَغَتِ الأَمة تَبْغِي بَغْياً وبَاغَتْ مُبَاغَاة وبِغَاء، بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ، وَهِيَ بَغِيٌّ وبَغُوٌّ: عَهَرَتْ وزَنَتْ. (لسان العرب مادة بغا).
(٣) المردان: الأَمْرَدُ: الشابُّ الَّذِي بلغَ خُرُوجَ لِحْيته وطَرَّ شَارِبُهُ وَلَمْ تَبْدُ لِحْيَتُهُ. (لسان العرب مادة مرد).
(٤) في (نخ): متناقضان.