عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فرع: [والله تعالى ليس بعض خلقه]:

صفحة 191 - الجزء 1

فرع: [والله تعالى ليس بعضَ خلقِهِ]:

  قال (أكثر العقلاء) من أهلِ الإسلام وغيرِهم: (والله) تعالى (ليس بعض خلقه)؛ لِما ثبت من أنه تعالى ليس بجسم ولا عَرَض.

  وقال (بعض النصارى: بل اتَّحد بالمسيح) عيسى بن مريم # (فصار إيَّاه) ثم اختلفوا، فقال بعضهم: اتَّحدَ به مشيئةً، أي: صارت إرادتهما واحدةً وكراهتهما واحدة وإن كانا مختلفين من حيث الذات، فجوهرُ اللاَّهوتِ غيرُ جوهرِ الناسوت، وهؤلاء هم بعض النسطورية.

  وبعضهم قال: بل اتَّحد به ذاتاً، أي: صار جوهر اللاَّهوت والناسوت شيئاً واحداً، وهم اليعقوبية، ثم اختلفوا أيضاً، فبعضهم قال: وحْدَةً نوعيَّة. وبعضهم قال: حقيقيةً، إلى غير ذلك من الاختلاف الباطل⁣(⁣١) الذي لا حقيقة له.

  وقالت (الصوفية: بل اتَّحد - سبحانه - بالبغايا⁣(⁣٢) والمردان⁣(⁣٣) فصار إياهم، تعالى الله عن ذلك عُلوّاً كبيراً) وقد تقدم مقالة الصوفية أنهم يقولون: إنه تعالى يحل في الصورة الحسنة ومن جملتها البغايا والمردان، لعنهم الله تعالى.

  (قلنا: ذلك) الذي زعمتم أن الله سبحانه اتَّحد به (محدث) حدث بعد العدم عُلِمَ ذلك ضرورة، (والله تعالى ليس بمحدَثٍ، فصيرورته) تعالى (محدثاً محالٌ)؛ لأنهما شيئان متضادَّان⁣(⁣٤) بينهما كمال الاختلاف، فلو جاز اتحادهما لكان القديم محدَثاً والمحدثُ قديماً، وذلك محال.

  وأما من قال: إنهما اتَّحدا مشيئة فهو باطل أيضاً؛ لأن إرادة المسيح # هي الضمير والنية، والله سبحانه مريدٌ لا بإرادة؛ فيستحيل أن يتحد شيءٌ بلا شيءٍ،


(١) في (أ): من الاختلاف والباطل.

(٢) البغايا: بَغَتِ الأَمة تَبْغِي بَغْياً وبَاغَتْ مُبَاغَاة وبِغَاء، بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ، وَهِيَ بَغِيٌّ وبَغُوٌّ: عَهَرَتْ وزَنَتْ. (لسان العرب مادة بغا).

(٣) المردان: الأَمْرَدُ: الشابُّ الَّذِي بلغَ خُرُوجَ لِحْيته وطَرَّ شَارِبُهُ وَلَمْ تَبْدُ لِحْيَتُهُ. (لسان العرب مادة مرد).

(٤) في (نخ): متناقضان.