(فصل): [في العوض وأحكامه]
  في العاصي وغيره في سقوط العقاب، من نحو قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} الآية [الأحزاب: ٥]، وقوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه».
  وأما ضمان الأموال في جناية الخطأ فلدليل خاص؛ لأن غرامة المال ليس من العقاب وإنما رفع الله سبحانه عن المخطئ العقاب.
(فصل): [في العوض وأحكامه]
  قال (جمهور أئمتنا $، وأبو الهذيل وأحد قولي أبي علي وغيرهم) كبعض البغدادية: (ويدوم العوض) الذي من الله سبحانه لمن استحقه، (خلافاً لبعض أئمتنا $) كالإمام المهدي # (والبهشمية) - أي: أتباع أبي هاشم - فقالوا: لا يدوم كالأروش المستحقَّة بالجنايات، فكما لا يجب دوامها لا يجب دوامه.
  (قلنا: انقطاعه يستلزم:) إمَّا (تضرر المُعوَّض) حيث لا ثواب له كالبهائم والأطفال ونحوهما، (أو فناءه) أي: فناء المُعوَّض؛ لانقطاع عوضه ومنفعته، (وحصول أيهما بلا عوض لا يجوز على الله تعالى)؛ لأنه يكون حينئذٍ ظلماً، والله يتعالى عنه.
  (و) إذا حصل أيهما (بعوض آخر) من الله سبحانه (يستلزم ذلك أن تكون الآخرة دار امتحان وبلاءٍ)؛ لوقوع ذلك الضرر أو الفناء الذي وقع لأجلهما العوضُ فيها (لا دارَ جزاءٍ فقط) أي: يلزم أن لا تكون دار جزاء فقط، (والإجماعُ) منعقد (على خلاف ذلك) وهو أنها دار جزاءٍ فقط ثواب ونعيم أو عقاب وجحيم.
  (فإن قيل:) وما المانع من انقطاع العوض عن المُعَوَّض ثم (يتفضل الله عليه بعد انقطاعه) بمنافع أخرى تفضُّلاً منه - جل وعلا - لا تنقطع؟
  (قلنا: قد استحق) المؤْلَم (بوعد الله الذي لا يُبدل القول لديه أن يُبْعَثَ للتنعُّم) وللانتصاف له؛ لِمَا مَرَّ، ولقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ