عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: في التحسين والتقبيح العقليين)

صفحة 72 - الجزء 1

(فصل: في التحسين والتقبيح العقليين)

  هذه المسألة⁣(⁣١) أصل مسائل العدل، وهي قاعدة الخلاف بيننا وبين المجبرة، فإذا وافقونا فيها لزمهم الوفاق في جميع مسائل العدل؛ ولهذا ترى المجبرة في هذه المسألة ينكرون الضرورة؛ لئلا تنخرم قاعدتهم، قالوا: وكيف يكون للعقل مجال وقد ظهر أن العبد غير مختار في فعله ولا مستبد بتحصيله، وسيأتي الرد عليهم إن شاء الله تعالى.

  (و) اعلم أنه (يستقل العقل بإدراك الحُسن والقُبح) أي: يدركهما العقلُ بالاستقلال (باعتبارين) أي: بالنظر إلى جهتين (اتفاقاً) أي: بيننا وبين الأشعرية وغيرهم:

  (الأول) منهما: (بمعنى ملاءمته) أي: موافقة ذلك الشيء (للطبع) أي: طبع الإنسان، (كالملاذ) أي: كل ما يلتذ به العاقل من مطعوم وغيره، فإن العقل يحكم بحسن الملاذ، أي: ميل الطباع إليها لا غير، (ومنافرته) أي: منافرة ذلك الشيء (له) أي: للطبع، (كالآلام) والصور المستكرهة فإن الطبع ينفر عنها بضرورته، فيقال: إن الآلام قبيحةٌ - أي: منافرة للطباع لا غير - والملاذ حسنةٌ، أي: ملائمة لها لا غير. وهذا ليس في الحقيقة منسوباً إلى العقل؛ لأن البهائم تدركه.

  (والثاني: بمعنى كونه) أي: كون ذلك الشيء (صفةَ كمالٍ، كالعلم) ومكارم الأخلاق فإن العقل يدرك كونه حسناً، أي: صفة كمال فيمن تحلى به اتفاقاً، (وكونه) أي: ذلك الشيء (صفة نقص) فيمن اتسم به، (كالجهل) والكذب فإن العقل يدرك كون ذلك قبيحاً، أي: صفة نقص فيمن اتسم به اتفاقاً.

  ولا يدرك العقلُ عندهم أن العلم حسنٌ بمعنى: أنه يتعلق به مدح وثواب،


(١) قال المؤلف | في الشرح الكبير تحت هذا العنوان ما لفظه: المقصود بهذا الفصل بيان أن العقل يقضي بأحكامٍ عقلية هي: القبح والحسن وأنواعهما: من الوجوب والندب والكراهة والإباحة والحظر، ويعترف بها ويقطع بصحتها من غير حاجة إلى ورود شرع في تقريرها.