عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: في ذكر التفسيق)

صفحة 344 - الجزء 2

  وكذلك من قال بتعارض العمومين فتوقف في ذلك؛ لأنه قد ثبت وجوب العلم على كل مكلف بحكم صاحب الكبيرة، وحينئذٍ فلا بُدَّ من طريق له إلى العلم بذلك، وإلَّا كان تكليفاً لما لا يطاق والله يتعالى عنه، فلا يجوز له التوقف.

  وأما المقلدة: فقالت البصرية: التقليد في معرفة الله تعالى كفر؛ لأن الجهل بالله كفر إجماعاً، والمُقَلِّدُ في الله تعالى جاهل به؛ لأن اعتقاده ليس علماً.

  وقيل: هو مؤمن عندنا نعامله معاملة المؤمنين وما ندري ما حكمه عند الله تعالى.

  وقال أبو القاسم البلخي: بل هو مؤمن قطعاً عندنا وعند الله تعالى إذا وافق اعتقاده الحق.

  وقد رُوي ذلك عن القاسم # لحصول الاعتقاد المطابق للحق؛ إذ رُبَّ عامي نفسه أشد سكوناً إلى ما يعتقده من كثير من العلماء، ولإجماع الصحابة على إيمان من نطق بالشهادتين من أجلاف العرب الذين لا يهتدون لتحرير دليلٍ ولا حَلِّ شُبهةٍ فإنهم كانوا يعرضون عليهم قواعد الإسلام وينهونهم عن ضلالات الشرك من غير أن يُلَقِّنوهم حجةً أو يُحرروا لهم برهاناً.

  وأيضاً لو كان التقليد قبيحاً لاستُحِقَّ عليه العقاب، فَيُسْتَحَقُّ العقاب على اعتقاد التوحيد وهو باطل، هكذا حكاه النجري في شرح القلائد.

(فصل: في ذكر التفسيق)

  قال الإمام المهدي #: اعلم أن الفسق ينقسم إلى تصريح وتأويل.

  فالتصريح: هو ما عُلِمَ من الدين ضرورةً أنه فسق.

  وفسق التأويل: ما لم يُعلم ضرورة أنه فسق، وإنما علم بالدليل كونه فسقاً، كالبغي على الإمام مع إظهار الباغي أنه محق؛ لشبهةٍ تُعينه على ذلك.

  قلت: لعل مراده # أن من ارتكب كبيرةً يُعلم كونُها معصية من ضرورة الدين وإن عُلِمَ كونُها كبيرةً بالاستدلال فهو فاسق تصريح.

  ولم يذكر الإمام # فسق التصريح؛ لوضوحه، وأشار إلى فسق التأويل بقوله: (ومن خالف المؤمنين المقطوع بإيمانهم جملةً) أي: كلهم (نحو)