(فصل:) [التوبة تكفر السيئات]
  الفعل أو الترك عصياناً للمالك المُنعم وظلماً للغير؛ (لأنه إذا كان الندم لأجل مشقة الفعل) أي: فعل المعصية (أو) لأجل (أمر دنيوي يتعلق) ذلك الأمر الدنيوي (به) أي: بالفعل من نقصان رزقٍ أو حَظٍّ أو نحو ذلك (أو) يتعلَّق ذلك الأمر الدنيوي (بالترك) أي: ترك الطاعة فقط، أي: كان تركه للقبيح وفعله للطاعة لأمر دنيوي (فقط أو للذم والعقاب فقط) أي: خشية الذم والعقاب فقط (أو للمجموع) أي: لمجموع الأمور الثلاثة فقط (من دون وجه القبح) الذي تَقَدَّم بيانه - (بقي التائب غير نادم من عصيان الله تعالى ومن الظلم، وهما بذر القبح) أي: وجه القبح وعِلَّته وأصله (الذي ثمرته الذم والعقاب) لفاعله، شبَّه القبح بالزرع، فأثبت له البذر والثمر ترشيحاً، وهي استعارة بالكناية مثل: نشبت مخالب المنية بفلان.
  (و) قد (قيل) في حقيقة التوبة (غير ذلك) الذي ذكرناه (وهو صحيح إن تضمن الندم من وجه القبح) أي: إن كان الندم من جهة المعصية لأجل قبحها فالتوبة صحيحة، (لكنَّ هذا القدر) الذي ذكرناه في حقيقة التوبة (كافٍ) في صحتها (لحصول الرجوع من التائب والإقلاع) عن فعل المعصية (بذلك) الذي ذكرناه.
(فصل:) [التوبة تكفر السيئات]
  (وهي) أي: التوبة (مكفرةٌ) بنفسها (لكل معصيةٍ) صغيرة كانت أو كبيرة إجماعاً؛ (لقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ... الآية) وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[طه ٨٢]، ونحوها من الآيات كثير؛ (ويُبَدِّل الله بها مكان السيئات حسنات؛ لقوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ... الآية) وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الفرقان ٧٠].
  قال الناصر # في كتاب البساط في تفسيرها: أَعْلَمَنَا اللهُ سبحانه أن العبد إذا تاب رَدَّ عليه ما بَطَلَ من عمله وجعل بدل سيئاته حسنات.