باب من تصح شهادته (ومن لاتصح)
  الْمَوْتُ ... إلى آخر الآيات}[المائدة: ١٠٦]، لم يختلف أهل(١) جمهور أهل العلم وجلتهم أنها نزلت في تميم الداري وصاحبه وهما نصرانيان ومولى عمرو بن العاص السهمي وكان مسلماً فسافر معهما وحضرته الوفاة فأوصاهما وأشهدهما على وصيته ووقع ماله وكان كاتباً ودسّه في بعض رحله بغير علم منهما، فرجعا ونصا(٢) الشهادة بوصيته وأنفذت شهادتهما وسلما بعض المال وكتما بعضاً، وأقاموا مدة فوجدوا توقيع المال فوجدوا المال ناقصاً فهو معنى قوله سبحانه: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا}[المائدة: ١٠٧] والقصة طويلة لا معنى لذكرها لانفصاله عن مرادنا.
  وصحح ذلك جدنا العالم عبد الله بن الحسين # وكان قدوة ذكره في كتاب (الناسخ والمنسوخ) فمعنى قوله تعالى ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا علم لنا إلا ما علمنا الله، {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}[المائدة: ١٠٦] يريد تعالى من غير أهل ملتكم، وقد قال بعض الناس: معنى من غيركم أي: من غير قبيلتكم، وهذا قول ساقط لأن أحداً لم يقل باختلال شهادة قبيلة على قبيلة من المسلمين ولا في هذا خلاف فيذكر؛ لأن الإسلام جملة واحدة وأهله أخوة في الله تعالى كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠]، ونهى رسول الله صلى الله عليه عن الإعتزاء إلى القبائل كما كانت تفعله الجاهلية فكيف يفرد له حكم، هذا ما لا يقوله ذو معرفة.
  ولما طال الأمد على المسلمين وقست قلوب كثير منهم وخالفوا أهل بيت نبيهم في الدين، وتنكبوا سبل(٣) الهادين، لم يبق المتمسك بالحق إلا الأقلون، كما قال
(١) سقط من (ب).
(٢) في (ب): فنصا.
(٣) في (ب): سبيل.