باب السيرة في أهل الفسق وأهل البغي وأحكامهم عند الظفر بهم
  دار الكفر ودار(١) الفسق.
  (ص) والذي يجب قتالهم في الشريعة أصناف: المشركون، والمرتدون، والمحاربون، والبغاة، ويلحق بهم الفساق من أهل القبلة المتهتكون المتأخرون(٢) عن إجابة أئمة الهدى، فإن لهم عندنا حكماً بين الحكمين، واسماً بين الإسمين، ولا عجب أن يحدث حال لهم(٣) حكم، أفليس عمر لما افتتح بلاد المجوس قال: «ما أصنع بقوم لا كتاب لهم، أنشد الله رجلاً سمع من رسول الله صلى الله عليه في المجوس شيئاً إلا ذكره». فقال عبد الرحمن بن عوف: سمعته يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب، غير آكلي ذبائحهم ولا ناكحي نسائهم» فما ظنك إن(٤) لم يجد نصاً ما كان يعمل، أفليس كان(٥) يجتهد رأيه مستخيراً الله سبحانه، كما اجتهد رأيه في دية الأصابع وفاضل بينها في الدية حتى وقف على كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله ÷ بالمساواة فيها، فرجع إلى علم(٦) الكتاب عن الإجتهاد، ولا تزال الحوادث تحدث ما بقي التكليف وتحدث بحدوثها(٧) أقوال الأئمة $ وعلماء الإسلام.
  فإذا عرفت ذلك فاعلم أن دار الفسق هي دار ثالثة بين دار الإسلام ودار الكفر، وقد قال بتسميتها دار الفسق من أهل العلم أبو علي الجبائي فيمن اتبعه من أهل العلم، وسميناها دار الفاسقين لغلبة أهل(٨) الفسق عليها ونزولهم إياها، وقد قال
(١) سقط من (ب).
(٢) في (ب): المستأخرون.
(٣) في (ب): لها.
(٤) في (ب): لو لم.
(٥) سقط من (ب).
(٦) سقط من (ب).
(٧) في (ب): ويحدث لحدوثها.
(٨) سقط من (ب).