المهذب في فتاوي الإمام المنصور بالله،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

باب الاجتهاد وذكر المفتي والمستفتي

صفحة 490 - الجزء 1

  تارةً أخذ وتارة صفح، كما (عفى عن أهل الطائف)⁣(⁣١) بعد قطع طائفة من أعنابهم، وكذلك في بني مدلج ترك غزوهم وهم يستحقون الغزو والقتل والسبي، وترك لعن حمير، وشدد في قتل قريش، ورفع القتل عنهم يوم الفتح، وقتل من بني قريظة سبعمائة وخمسين صبراً، وأمر بقتل قومٍ غيلةً، وأمر بقتل رجال ونساء يوم الفتح بكل حال.

  وأخذ الهادي # من بعض البغاة ورد لآخرين منهم، وأخذ قرى، وهدم أخرى، وعم بعضاً، وخص بعضاً.

  وأما صوره السياسية فحكمها في الأصل يرجع إلى صورة الاجتهاد ولا أصل له معين فهو شبيه بالإجتهاد فيفعله صاحب الأمر بحكم الولاية العامة له أو لمن ولاه، وطريقه إليه غلبة الظن لأمارات صحيحة تظهر له.

  والدليل على جوازه ما رويناه أن أمير المؤمنين # حكم بشهادة بعض الصبيان على بعض، وهذا من السياسة، ومن ذلك جواز الحبس بالتهمة وهو سياسة، وأصل ذلك القسامة لأنها سياسة محضة، وقد حكم بها كثير من أهل البيت $ أعني السياسة، وكذلك القسامة هي من أقوى الأدلة على حكم السياسة؛ لأن القتيل إذا أصبح قتيلاً في بلد لزم أهلها بعد أيمانهم ما قتلوا ولا علموا، فما السياسة إلا هذا، وليس مع أهله شاهد ولا يمين.

  ولا يجب فيما رآه الإمام أن يكون منصوصاً لمن قبله من نبي أو إمام؛ لأن القول بذلك يؤدي إلى قطع اجتهاد المجتهدين، وقد فعل ذلك علي # أعني الاجتهاد في الحوادث في مال المحتكر وقد ذكرناه، وقال: لو ترك لي أمير المؤمنين


(١) في (ب): أعفى أهل الطائف.