العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بطلان التواتر]

صفحة 146 - الجزء 1

  الغدير وخبر المنزلة إن أحداً من المسلمين لم يتمكن من النزاع في ثبوتهما من النبي ÷ وإن كانا دون ما تقدم، وإما بأن يجعل لنا طريقاً إلى العلم بالدليل ويمكننا من الإستدلال، ولولا أن شرعة أهل العلم في كل خبرٍ يروى عن النبي ÷ أن يطالب بتصحيحه أم لا، فمتى صح وقع النزاع في معناه، إما بأن يحمل على ظاهره، وإما بأن يتأول بما لا يخرج عن طريقة أهل العلم بأن يحمل على ما يصح من وجوهه دون ما يفسده، فإن عارض الكتاب المعلوم من دين النبي ÷ ضرورة أنه كلام الله تعالى، والسنة المعلومة التي يعلم المسلمون ضرورة أنها قول رسول الله ÷ وفعله وتوابعهما، قطع بأنه كذب على رسول الله ÷ إن لم يمكن حمله على وجه صحيح وعارض من كل وجه؛ لأن الله تعالى يقول في محكم كتابه: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧] فكيف يكلفنا هذه النصوص ولم يؤتنا إياها ويقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦] وليس في وسعنا العلم بهذه الأخبار التي رووها لأنا عرفنا أحكام الأخبار ورويناها وطلبناها أشد الطلب، وكانت أخبارهم من جملة ما رووه فلا يمكنهم إيصالها في الأصل إلاَّ إلى شخوص معينة قليلة، ولا يمكنهم تصحيح أحوال رجالها منهم إلى رسول الله ÷، بل يقع فيهم المجهول والمطعون ويكفي أن يكون رجلاً واحداً مجهولاً أو مطعوناً كما قدمنا، ولأن الإمامية في الأصل هم الشخوص الأربعة⁣(⁣١) الذين عيناهم في أول كتابنا ولا سلف لهم، ودعواهم على أفاضل أهل البيت $ مستحيلة، لأنا قد روينا عليهم خلاف ما روت الإمامية، وليس بأن تصح


(١) في النسخة (أ): كتب ظ الخمسة.