[أدلتهم على وجوب العصمة والرد عليها]
  لا سبيل إلى علمه، والتكليف بما لا يعلم قبيح والله تعالى لا يفعل القبيح، وإمَّا لأنه حافظ للشريعة هذا قول بعضهم، قلنا إن الله تعالى [عليه](١) حفظها، ليلزم المتعبدين فرضها، وإلاَّ فما يوجب ذلك عليهم، وهو سبحانه لعدله وحكمته لا يكلف إلاَّ ما يطاق، ولا يكلف إلاَّ ما يعلم، وإما أن النفوس إليه أسكن، فالنفوس إلى النبي أسكن منها إلى الإمام، وإن كلَّمنا تعالى ولا واسطة بيننا وبينه فالنفوس إليه أسكن، ومنزلته أرفع، ولكن التعبُّد إنما يرد على قدر ما يعلم الله تعالى من المصلحة، والمصالح غيوب لا يعلمها إلاَّ الله تعالى، ولهذا خاطبنا سبحانه بالجلي كما خاطبنا بالخفي، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ...} إلى قوله: {وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: ٥٥]، وأجلى من ذلك إنما إمامكم علي بن أبي طالب بعد محمد ÷، ولا يجوز لأحد التقدم قبله بالإمامة، ويجعل ذلك بلفظ القرآن يتلى في المساجد والصلوات.
  فإن قالوا: قد كان وحذف، وبُدّل وغُيّر وزِيد في القرآن، ونقص، وكتم بعضه.
  قلنا: لا يجوز ذلك لأن لقائلٍ أن يقول ما أنكرتم أنَّ القرآن قد عورض بمثله ولكن كُتم ذلك، وما أنكرتم من ورود التعبد بصلاةٍ سادسة والحج إلى بيتٍ(٢) آخر، وصيام شهرٍ مع رمضان إلى غير ذلك، وإنما كتم ذلك وكان في المحذوف من القرآن، وهل يتكلم بذلك عاقل، وهذا كتاب الله تعالى يشهد بالحجج الظاهرة على كل مخالف، والمعلوم ضرورةً أنَّ منه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ
(١) زيادة في (أ)، وليست في (ب، وج).
(٢) في (ب): إلى بيت الله آخر.