[أدلتهم على وجوب العصمة والرد عليها]
  لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩]، وقد ورد الخبر بحفظه ودخول الكذب لا يجوز في خبره، وأمَّا أنه تنبيهٌ للغافلين فإنما التنبيه تحذيرٌ، والتحذير يحصل من كل محذِّر، لأنَّ دفع الضرر المعلوم يستوي العقلاءُ في علم وجوبه، ودفع الضرر المظنون يجب فيما يغلب في الظن صدقه.
  فإن قيل: لكلام الإمام مزية.
  قلنا: لكلام النبي ÷ مزيةٌ عليه فهلاَّ أبقى الله نبيه، ولأنه ينتقض بزمان الغيبة لأنه لو تعلق تكليفنا به، لأحضره الله إلينا وعصمه من الناس فلا يصلون إليه ببلغة كما جعل لنبيه، ولأنه لا يتمكن من مشافهة جميع أهل الآفاق بنفسه، وإنما يكفي في ذلك رسله وولاته وقضاته ولم يشترط أحدٌ عصمتهم، فكما كفى ذلك في لزوم التكليف من لم يشافهه، كذلك يكفي في لزوم التكليف لنا تذكير من يذكرنا من المسلمين، وجواز الخطا على المذكر لا يسقط حكم التذكير، وقد كان رسول الله ÷ ائتمن أمناءَ فخانوا فلم يقدح ذلك في أمره، أمر نهار بن الحارث إلى أهل اليمامة ليرشدهم في الدين فشهد لهم بنبؤة مسيلمة، وأمر الوليد بن عقبة يجبي الصدقة فرجع إليه يخبره(١) بالكذب وأنَّ القوم منعوا حتى همَّ رسول الله ÷ بغزوهم، فنزل إليه الوحي بفسقه وجاء القوم في أثره يطلبون المصدق فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات: ٦] وغير ذلك، وكذلك فإنَّ أمير المؤمنين # ائتمن عبدالله بن العباس وولاه البصرة فاحتمل مالها وارتحل به إلى الطائف، ولو عددنا من خان
(١) في (ج): فخبره.