العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلامهم في صحة إمامة الإمام وإن أغلق بابه والرد عليهم]

صفحة 173 - الجزء 1

  يقر به قراره حتى أنفذ إليه السم فقتله، ولما ظهر عليهم يحيى⁣(⁣١) بن عمر # بالكوفة اضطربت بنو العباس اضطراباً شديداً، وفزعوا إلى شيخ لهم يقال له: عبدالرحيم، فقالوا: نخشى ظهور الفاطمية علينا وانتزاع هذا الأمر من أيدينا، فقال: لا تخافوا حتى يملك عليكم جبال طبرستان ويظهر العماني باليمن، فعند ذلك لو جاءوا بالقصب في أيديهم لنزعوها من أيديكم، ولو عددنا لأطلنا، وظهور الأمر فيما ذكرنا لا يجهله كل من أنصف نفسه وانقاد للبرهان، لما قام يحيى [بن عبدالله]⁣(⁣٢) # وظهر في الديلم أنفذ⁣(⁣٣) هارون الفضل⁣(⁣٤) بن يحيى [لحربه] في خمسين ألف فارس وشيعهم إلى النهروان وفرق فيهم مالاً جليلاً، وبذل لجستان ألف ألف غير التحف والهدايا، وضاقت عليه الأرض برحبها، وأنفق على القضاة والفقهاء وطبقات المتسمين بالدين أموالاً جمَّة، وهو لا يحتاج لمن أرخى ستره إلى أكثر من إنفاذ بعض الركابية ليأتيه به، هكذا تكون الإمامة عند أهل العلم بالإمامة؟ وهل يكون الإمام الذي هذه صورة حاله من الدين داخلاً تحت الآية في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ}⁣[التوبة: ١١١]، فإن قال الخصم: نعم، مقته السامعون، وإن قال: لا، فكيف يستحق المبيع من لا يسلم الثمن؟ وهل لازم الستر مجاهد أم قاعد؟ فإن كان مجاهداً


(١) يحيى بن عمر: تقدم ذكره.

(٢) سقط من (ب).

(٣) في (ج): أنهض.

(٤) الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي، وزير هارون الرشيد، وأخوه من الرضاع، استوزره مدة قصيرة، ثم ولاه خراسان سنة ١٧٨ هـ، وأقام إلى أن فتك هارون الرشيد بالبرامكة سنة ١٨٧ هـ وكان الفضل عنده ببغداد فقبض عليه، وعلى أبيه، وأخذهما معه إلى الرقة فسجنهما وأجرى عليهما الرزق، واستصفى أموالهما، وأموال البرامكة كافة، وتوفي الفضل في سجنه بالرقة.

انظر معجم رجال الإعتبار وسلوة العارفين، ومنه الأعلام ٥/ ١٥١.