[كلامهم في صحة إمامة الإمام وإن أغلق بابه والرد عليهم]
  فكيف، وإن كان قاعداً فقد فضَّل الله عليه المجاهد بقوله: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ٩٥]، وبقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ١٠ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[الصف: ١٠ - ١١]، فهذا أمر بلفظ الخبر يتضمن الوعيد على الترك بقوله {تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الصف: ١١]، فدل على الوجوب، لأن ما وقع الوعيد على الإخلال به فهو واجب، فكان الجهاد واجباً، فكيف يخل به من لا يجب إلاَّ به وهو الإمام؟ ولكن الإمامية مالت إلى الدنيا وعللت أنفسها بالأماني وآثرت الرفاهية واستغنت باسم التشيع، عن إلتزام أحكام نصرة القائم من الذرية الزكية، فقامت للفرقة العباسية مقام الجنود القويَّة، فنصروا المفقود قولاً وخذلوا الموجود فعلاً، وقالوا: لو نعلم إماماً لاتبعناكم ولفعلنا وصنعنا كما قال تعالى حاكياً عن الخاذلين لنبيه ÷ في قولهم {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ}[آل عمران: ١٦٧]، وفرَّقوا بين الذرية الهادين، كما فرقت اليهود بين النبيين، وخذلوا أتباع العترة الطاهرة عن قائمها بل كل قائم يقوم من السبطين، يحدب عليه بنو حسن وحسين، هذا محمد(١) بن عبدالله النفس الزكية بايعه جعفر بن محمد #
(١) الإمام الشهيد المهدي محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب $ المعروف بالنفس الزكية، أحد عظماء الإسلام، ورواد الثورة ضد الظلم والطغيان، كان غزير العلم، واسع المعرفة، شجاعاً، سخياً، مولده ونشأته بالمدينة، وكان يقال له: صريح قريش، إذ ليس في أمهاته أم ولد.
بايعه سراً جماعة من أهل بيته وبني العباس، ولما انقرضت دولة الأمويين نكث بنو العباس البيعة، وحالوا الأمر إلى أنفسهم، فتخلف عنهم محمد وأهل بيته، وبقي متخفياً متوارياً في المدينة رغم القبض على أبيه واثني عشر من أهل بيته وسجنهم من قبل المنصور العباسي، ثم قام بثورته الشهيرة في المدينة، وقاتل قتال الأبطال في معركة يطول شرحها حتى استشهد سلام الله عليه سنة ١٤٥ هـ وبعثوا برأسه إلى المنصور العباسي الذي قد كان قتل جميع أهل بيته في سجنه.
ومن آثاره: كتاب السير، انظر أعلام المؤلفين الزيدية وفهرست مؤلفاتهم، ومنه: معجم رجال الإعتبار وسلوة العارفين (تحت الطبع)، التحف شرح الزلف ص ٣١ - ٣٤ الطبعة الأولى، اللآلي المضيئة - خ -، مآثر الأبرار - خ -، الحدائق الوردية - خ -، طبقات الزيدية - خ -، الإفادة في تاريخ الأئمة السادة - خ - وغيرها.