[الكلام في التقية والرد عليهم]
  وامتنع # من البيعة ليزيد مع بعض الجفوة، فلما مضت أيام معاوية شمر ليزيد والتجأ إلى حرم الله سبحانه وطلب بيعة الناس وناهض العدو بالحرب حتى لقي الله سبحانه على عهده، واختار الممات على الحياة، كما روينا بالإسناد الموثوق به إليه صلى الله عليه أنه خطب أصحابه لما أراد النهوض لمناجزة القوم، فقال بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي ÷: إن الدنيا قد تنكرت وأدبر معروفها، فلم يبق الإَّ صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى، ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا ينهى عنه، ليرغب المرء في لقاء ربه، فإني لا أرى الموت إلاَّ سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلاَّ شقاوة، ومن كان فينا باذلاً مهجته فليرتحل، فإني زاحف(١) بهذه العصابة على قلة العتاد وخذلة الأصحاب:
  فإن نَغْلِب فغلابون قدما ... وإن نُغْلَب فغير مغلبينا
  فهذا رأي أئمة الهدى $ ولو كان معاوية ارتكب في أيام الحسن # ما أرتكب بعده لناهضه للحرب(٢)، وحاكمه إلى قاضي الطعن والضرب، ولكن اغفل عدو الله الحال حتى نال في ولي الله ما نال، فهذا رأي أئمة الهدى $. تأمله تُصب رشدك وتعرف قصدك.
[الكلام في التقية والرد عليهم]
  مما يقع الكلام فيه قولهم في التقية وإنها دين الأئمة والأنبياء $، ومنهم من تعدى إلى أن أجازها على رب العالمين.
(١) في (ج): فإني أخف.
(٢) في (أ): لناهضه الحرب.