العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في التقية والرد عليهم]

صفحة 179 - الجزء 1

  والكلام عليهم أنا نقول: هذه دعوى⁣(⁣١) لا دليل عليها، وما لا دليل عليه مما يجب العلم به، فلا فرق بين ثبوته وعدمه، ويقال: ما الدليل إن لم تعترفوا بعدمه؟ فلا يجدون إلاَّ روايات واهية يروونها عن الأئمة $ كقولهم: (التقية ديني ودين آبائي) وما شاكل ذلك.

  الكلام في نفي ذلك، أن هذا الأصل يجب المصير فيه إلى العلم لأنه من مهمات أصول الدين والأخبار التي ذكروها آحاد لا توجب إلاَّ غالب الظن، لأن الذي ذكروه من صفات الإمام، والواجب في صفات الإمام الوصول إلى العلم فلا طريق لهم إلى تحقيق ذلك.

  ونذكر على وجه الإستظهار في إبطال ما ذهبوا إليه أنا نقول لهم: أما قولكم في تقية الأنبياء $، فإن ذلك يؤدي إلى أن لا يُثَقُ بشيء من الشرائع ولا يُقْطَعُ على صحة حكم من الأحكام، وهذا خروج عن الدين وانسلاخ عن الإسلام، أما أنه يؤدي إلى أن لا نثق بشيء من الشرائع ولا نعتقد صحة شيء من الأحكام فلأنا متى جوزَّنا التقية لم نأمن أن يكون أمرنا بغير ما أمره الله تعالى به تقيةً ونهانا عن غير مالا يجب⁣(⁣٢) عنه النهي تقية، وحكم بغير ما أنزل الله تقية، وأما أن اعتقاد ذلك إنسلاخ عن الدين فمما لا خلاف فيه بين المسلمين، وأمَّا أن الأئمة $ لا يجوز عليهم التقية، فعند الإمامية أن الإمام يراد لتبيين الشرائع وإيضاح الأحكام، ولتعريفنا ما جهلنا من الشريعة، والتقية تنافي هذا كله، وعندنا إن الإمام يراد لمباينة الظالمين وإعلاء رسوم الدين وقمع المعتدين عن المحقين، وإلاَّ فما الحاجة إلى الإمام {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}⁣[الأنعام: ١٤٣]، والتقية تنافي هذا


(١) في (أ): هذا الدعوى.

(٢) في (أ): عن غير ما يجب النهي عنه.