العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام عليهم في البداء]

صفحة 185 - الجزء 1

  فالمخلوق أقرب إلى أن يبدو له فلا يوثق بوعد الأئمة ولا وعيدهم، لأنه يقال: بداء للإمام، فأخلف الوعد أو الوعيد فهذا ذم في سائر الناس، فكيف في صفوتهم، ويؤدي إلى أن لا يوثق بوعد الله تعالى ولا وعيده ولا إخباره عن الثواب والعقاب وجميع تفاصيل أمور الأخبار، ومن اعتقد ذلك خرج عن الدين عند المحقين من أهل الدين لأنه إلحاقٌ للنقص برب العالمين.

  واعلم أن للإمامية تخليطاً كثيراً قد ذكرنا صدراً منه في صدركتابنا هذا، من لدن عليٍ # إلى أن وقف منهم من وقف على من يدعون أنه ولد الحسن بن محمد المسمى بالعسكري، ومنهم من ذكر أن الله تعالى نصَّ على اسماعيل بن جعفر على لسان جعفر بن محمد $، ثم بدا له تعالى عن ذلك، ونصَّ على موسى بن جعفر، فلذلك ذكرنا ما ذكرنا من الدليل على بطلان قولهم في البداء، ثم ذكروا أمر موسى بن جعفر #، فكان فيه ما قدمنا من وقوف الواقفة عليه، وذكروا في ذلك أخباراً كثيرة نحن نذكرها، ليستدل العاقل بذلك على بطلان روايتهم فيما بعدها ببطلانها لأن الحال في الأمرين واحد ولا مخصص⁣(⁣١) لتصحيح أحدهما دون الآخر، هذه أخبار روتها الإمامية، وهذه أخبار روتها الإمامية لأنهم لو طعنوا على غيرهم من الفرق لم يطعنوا على أنفسهم، وأما ما رووا⁣(⁣٢) أن موسى بن جعفر # الإمام الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جَوراً وظلماً، وأكثروا في ذلك الرواية بالأسانيد، وكان من أمر موسى # ما علمه الناس⁣(⁣٣) من قتل هارون الرشيد له، وأمر بذلك النصارى لعنهم الله، فلفوه في لحاف


(١) في (ج): ولا تخصيص.

(٢) في (أ): ولما رووا.

(٣) في (أ): ما سمعه الناس.