[الرد على تبريراتهم للتناقض]
  وروي عن سعيد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ويعقوب بن يزيد، عن مبروك بن(١) عبيد، عن بسط(٢)، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله # قال: يجزي من البول أن يغسله بمثله(٣).
  وهذان خبران متناقضان لأنه تقدير في أحدهما [مثل](٤)، وفي الآخر مثلان، والمثل غير المثلين لفظاً ومعنى، وقد تأولوا الخبر الآخر بأن معنى مثله أي مثل الخارج من البول، والخارج من البول قد يكون جملة كثيرة، وقد يكون جملة يسيرة، وعلى الوجهين هو يناقض الحديث الأول، لأن أقل مايسمى بولاً في العرف هو أضعاف ما على الحشفة من البلل فهو ينقض التقدير بمثلي ما على الحشفة فكيف ما دارت القضية فالتناقض واقع، فتأمل ذلك بعين البصيرة لأن القوم يعيبون الأقوال المختلفة على من صححها، وقال: قد يتغير الإجتهاد فتختلف الفتاوى لأجل اختلاف الأدلة، وترجيح العلل فيما مجراه مجرى الإجتهاد الذي ألجأتهم إليه الضرورة، لما بُلُوا(٥) بالأقوال المختلفة المروية بالأسانيد التي هي عندهم صحيحة عن مشائخهم المعتمدين، ووصولها إلى الأئمة على سواء، وهي متناقضة ومتنافية ومتغايرة، فاستعملوا طريقة الإجتهاد ضرورة في طلب الوجوه المرجحة، فتأمل ذلك تجده كما قلنا إن شاء اللَّه تعالى.
(١) في (ب، وج): عن عبيد.
(٢) في نسخة، وفي (ج): عن بسيط، وفي نسخة: عن سبط.
(٣) المصدر السابق ج ١ ص ٣٥ رقم ٩٤.
(٤) سقط من (ب).
(٥) في (ج): تلبوا.