[عود إلى التناقض]
  للبيان، ولأنه قد صرَّح بذلك، وقوله: وإن كان بعض يوم هذا إنما يريد المبالغة في بطء غسل الثاني وتراخيه عن جفاف الأول، لأنه [إن](١) أراد بالبعض الجزء القليل فهو شامل في أوقات الوضوء على المسرع شموله على المبطئ(٢) فلم يبق إلا أن المراد ببعض يوم المبالغة في البطء، ومع ذلك يعلم الجفاف بجري العادة ضرورة من غير شدة ريح ولا حر، لأنه قال: جفَّ أو لم يجفَّ فبيَّن الحكم، وبالغ في التعليل [بأن](٣) لافرق بين الجفاف(٤)، واتصال البلل مدة الفعل، فهذا يدل على أن لا خلوص عن المناقضة، أو(٥) الرجوع إلى مقالة سائر المسلمين من أن اجتهاده # تغيَّر [لما](٦) تجدد له من دلالة أو علة حكم فأفتى في وقت بما صحَّ عنده، وفي وقت آخر بمثل ذلك، فأما والحال ما ذكروه فلا وجه يحمل عليه إلا المناقضة والمغايرة في الحكم الواحد، ولا يجوز أن يكون ذلك ديناً، ولأنه متى أعوزتهم العلل مالوا إلى التقية، وكيف تجوز التقية في الأحكام على من تعبَّده اللَّه تعالى بالبيان، وهذا يؤدي إلى أن لايوثق بشيء من الشريعة لتجويز أن يكون ما ظهر عن الإمام تقية، ودعوى نفي التقية في البعض دون البعض لايمكن، لأن أكثر مافيه أن يقول الإمام: هذا قول من غير تقية.
  فللقائل أن يقول: وقوله هذا نهاية التقية، فبم يقع الإنفصال مما هذه حاله؟ {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}[الأنعام: ١٤٣].
  وروى عن أبي القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد
(١) في (ب): إذا.
(٢) في (ج): المبطي.
(٣) في (ب، وج): بأنه.
(٤) في (ج): الجاف.
(٥) في (ج): والرجوع.
(٦) في (ب): ما، وفي (ج): بغير ما تجدد له.