العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[شبهة: هو الحافظ للشريعة والرد عليها]

صفحة 392 - الجزء 1

  لأن الغائب لو حفظ لما كان فرق بين غائب من المحقين وغائب، فكان يكفينا في الحفظ جبريل، وميكائيل، أو غيرهما من الملائكة $، أو الأنبياء سلام اللَّه عليهم.

  ففي الحديث «إنهم أحياء مرزوقون عند اللَّه سبحانه»، ولأن الحافظ للشرع، والدين هو رب العالمين، وهو حاضر لايغيب، وقد أخبر تعالى بحفظ ماتعبد به، بقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}⁣[الحجر: ٩]، وهو [الذي]⁣(⁣١) لايخبر إلا بالصدق، والذكر هو العلم فهو حافظ [له]⁣(⁣٢)، وما حفظه فلا يحتاج إلى حفظ غيره.

  وأما قولهم: أنه يحفظ الشريعة من الغلط، فإن كان يحفظ الأصول فهي محفوظة، [بما]⁣(⁣٣) يعلمه علماء الإسلام من الأئمة $، وغيرهم، وإن كان يحفظ الفروع التي وقع فيها الخلاف فالإمامية وغيرهم في ذلك سواء؛ لأن الخلاف بينهم في مسائل الفروع أضعاف مابين سائر الأمة، فكيف تصحُّ دعواهم في حفظه من الغلط إن كان الخلاف في الفتاوى غلطاً!؟ ولكن ذلك لايستقيم.

  وقد روينا عنهم ما لا ينكرونه فيما تقدم من أن الإمام أفتى في مسئلة واحدة بثلاثة أقوال متنافية، فكيف تصحَّ دعواهم أنه يحفظ من الغلط، والتغليط جاء من قبله!؟

  فهذه أقوال متنافية كما يعلمه الناظر في كتابنا هذا، على أنَّا ماروينا عنهم إلا ماروته علماؤهم، وسطروه في مشاهير أصول كتبهم لتكون الحجة لهم أتمَّ، ونفعه أعمَّ.


(١) زيادة في (ب).

(٢) سقط من (ب، وج).

(٣) في (ب، وج): كما.