تقديم
  وقد نشر الله به العدل والإحسان، وأظهر به الأمن والإيمان، وطهر الأرض من الفسوق والعصيان، وتزلزلت بدعوته النبوية، وصولته العلوية، أركان بني العباس بالعراق، وملأت رسائله الإمامية قلوبهم خوفاً وفزعاً لما تضمنته من الوعيد والإرعاد والإبراق، وحسبك أنها لما وصلت قصيدته البائية بغداد أمر الخليفة العباسي بإغلاق بابها ثلاثة أيام لانخلاع قلبه من الروع والفزع، وعنده ألوف من العساكر العظام، فقامت كلمة الإمام مقام الجيش اللهام.
  وخصائص هذا الإمام وشمائله العظام، وفضائله المنيرة الفجاج، وفواضله الوضيئة الديباج، وبلاغته الوهاجة السراج، وعلومه المتلاطمة الأمواج، عالية المنار، واضحة الأنوار، متجلية الشموس والأقمار، وفي سيرته الخاصة، وكتب السير العامة الكثير الطيب والغزير الصيب، وقد أوضحت المهم من أحوال أئمة العترة وأوليائهم في كتاب التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية نفع الله بها على سبيل الإختصار.
  هذا واعلم أيدنا الله وإياك بتأييده: وأمدنا بمواد لطفه وتسديده، أن من أقدم ما يتحتم، وأهم ما يتعين على الناظر في كتاب ربه وسنة نبيه ÷ من ذوي الألباب عرفان الحق والمحقين المشار إليهما بقوله ø {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة: ١١٩] لما يتوقف عليه من رواية السنة الشريفة، وتفسير الكتاب، ولتوليهم واتباع سبيلهم، المأخوذَيْن على كافة المكلفين بقواطع الأدلة، وإجماع جميع المختلفين.
  ومن المعلوم أن الله تعالى أمر عباده بسلوك دين قويم وصراط مستقيم، ونهاهم عن اِلإفتراق في الدين، واتباع أهواء المضلين قال ﷻ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ