العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

تقديم

صفحة 9 - الجزء 1

  يُحْسِنُونَ صُنْعًا}⁣[الكهف: ١٠٣ - ١٠٤] وما ورد من أوصاف المارقين من الدين، ولانسدت الطريق إلى معاملة كل فريق، ولبطلت الأحكام من الجهاد والمعاداة وغيرها، وهذا خلاف المعلوم الضروري من دين الإسلام، وقد أمر الله بالمقاتلة والمباينة لغير المعاهدين من الكافرين والباغين، ولم يستثن ذا شبهة وتأويل، بل جعل المناط مخالفة الدليل.

  هذا وقد علم ماعمت به البلوى من الإفتراق: وقامت به سوق الفتن في هذه الأمة على ساق، وصار كل فريق يدعي النجاة لفريقه، والهلكة على من عدل عن منهاجه وطريقه، وأن حزبه أولو الطاعة، وأولى الناس بالسنة والجماعة، كما قال ذو الجلال: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}⁣[المؤمنون: ٥٣].

  والدعاوي إن لم تقيموا عليها ... بينات ابناؤها أدعياء

  وسبيل طالب النجاة، المتحري لتقديم مراد الله، وإيثار رضاه، الاعتماد على حجج الله، وتحكيم كتاب ربه تعالى، وسنة نبيه ÷، واطراح الهوى والتقليد، اللذين ذمهما الله في الكتاب المجيد، وتوخي محجة الإنصاف، وتجنب سبل الغي والإعتساف، غير مكترث في جانب الباطل لكثرة، ولا مستوحش عن طريق الحق لقلة.

  {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين}⁣[يوسف: ١٠٣] {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}⁣[الأنعام: ١١٦].

  هذا وقد قال رسول الله ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير