تقديم
  ولما ظهرت الضلالات - وانتشرت الظلمات، وتفرقت الأهواء، وتشتت الأراء في أيام الدولة الأموية، - وإن كان قد نجم الخلاف في هذه الأمة من بعد وفاة الرسول ÷ إلا أنها عظمت الفتن، وجلت المحن، في هذه الدولة - وصار متلبساً بالإسلام من ليس من أهله، وادعاه من لايحوم حوله، وقام لرحض الدين وتجديد ما أتى به رسول رب العالمين الإمام زيد بن علي يقدم طائفةً من أهل بيته وأوليائهم، وهي الطائفة التي وعد الله الأمة على لسان نبيها ÷ أنها لن تزال على الحق ظاهرة تقاتل عليه إلى يوم الدين، - أعلن أهل البيت À الإعتزاء إلى الإمام زيد بن علي بمعنى أنهم يدينون الله بما يدينه، من التوحيد والعدل والإمامة، ليظهروا للعباد ما يدعونهم إليه من دين الله القويم، وصراطه المستقيم، وقد كان أقام الحجة وأبان المحجة بعد آبائه À فاختاروه علماً بينهم وبين أمة جدهم.
  قال الإمام الكامل عبدالله بن الحسن بن الحسن: «العلم بيننا وبين الناس علي بن أبي طالب، والعلم بيننا وبين الشيعة زيد بن علي» وقال ابنه محمد بن عبدالله النفس الزكية: «أما والله لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عمود الدين إذ اعوج، ولن نقتبس إلا من نوره، وزيد إمام الأئمة» فلم يزل دعاء الأئمة، ولا يزال على ذلك إن شاء الله إلى يوم القيامة.
  ولقد صبرت معهم العصابة المرضية، والبقية الفائزة الزكية، على وقع السيوف، وتجرع الحتوف، ووقفوا تحت ألوية أئمتهم، وائتمروا بأمرهم، وانتهوا بنهيهم، وحفظوا وصاة نبيهم، وسفكت دماؤهم بين أيديهم، وأقاموا فرائض الله على الأمم، ولبَّوا كتاب الله فيما ألزمهم به وحكم، فسلكوا منهج التبيين، وظفروا بما