[تعدد الحجج وقيام إمامين في وقت واحد]
  اختلاف موسى وهرون @ الذي حكاه الله تعالى في قوله عزّ من قائل: {قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ٩٢ أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ٩٣ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ٩٤}[طه]، وما حكاه الله تبارك وتعالى من اختلاف داود وسليمان ª: {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ٧٨ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ..}[الأنبياء]، ففيما ذكرنا دليل وأي دليل على جواز اختلاف الحجج في المسائل الفرعية الاجتهادية، وإذا كان الأمر كذلك فإن اللازم على المجتهد الأخذ بما ترجح في نظره من القولين بعد النظر في أدلة كل قول، أما المقلد فمخير كما يقوله بعض العلماء أو يعمل بما ظن أنه الأرجح في نظره، والحمد لله رب العالمين.
  س ١٩ - مع من يكون الحق إذا تقاتل إمامان اجتمعت فيهما شروط الإمامة، ودعيا في وقت واحد إلى نفسيهما، أو تقدم أحدهما على الآخر؟
  الجواب: إذا كان في الزمن الواحد إمامان كما كان في زمن الهادي والناصر، فإن تباعد ما بينهما كما كان في هذين الإمامين، فالواجب على من قرب من الهادي نصرته، وعلى من قرب من الناصر نصرته.
  أما إذا كان الإمامان في بلد واحد، فالواجب على الأمة وعلى أهل الحل والعقد منهم أن ينظروا أي الداعيين أكمل وأدخل في خصال الإمامة وأصلح للأمة، فمن كان كذلك قدموه للإمامة، فإن فرطت الأمة في هذا حتى وقع القتال فالواجب عليها كما قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٩}[الحجرات]، ومن القسط تقديم من قدم الله وتأخير من أخر الله، فهذا هو الواجب على من عاصر الإمامين.