[تعدد الحجج وقيام إمامين في وقت واحد]
  الجواب: لا مانع عند الزيدية من التنازل عن أعمال الإمامة لإمام آخر كما فعل المرتضى # وغيره من الأئمة $، غير أن جواز هذا التنازل مرهون بالعجز عن القيام بأعمال الإمامة، وذلك أن الإمامة تكليف ولا يسقط إلا إذا ظهر العجز؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة ٢٨٦]، أو أن يكون الإمام الثاني أكمل في شروط الإمامة أو أصلح للأمة.
  أما صلح الحسن # مع معاوية فليس من أجل واحد مما ذكرنا، إذ ليس # عاجزاً عن تدبير شؤون الخلافة ولا كان معاوية أكمل ولا أصلح، وإنما فقد الناصر والمعين بعد الدعوة والخروج إلى الجهاد فاضطر إلى الصلح ضرورة عظيمة(١) كما ذلك معروف، فلا يعتبر ذلك تنازلاً عن الإمامة، أما محمد بن الهادي # فلم يكن
(١) قال الإمام الحجة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي # في كتاب التحف شرح الزلف: ولما غدرت به الأمة الغادرة، ونكثت عهده الجبابرة، ورفضت قول أبيه الرسول ~ وعلى آله وسلامه: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما»، اضطر إلى مهادنة بني أمية، وصعد المنبر فقال - بعد حمد الله، والثناء عليه، والصلاة على النبي ÷ -: (أيها الناس، والله ما بين جابلق وجابلص ابن بنت نبي غيري وغير أخي، فيكن استماعكم لقولي على قدر معرفتكم بحقي، أيها الناس إنا كنا نقاتل وفينا الصبر والحمية، فقد شيب الصبر بالجزع، وشيبت الحمية بالعداوة، وإنكم أصبحتم اليوم بين باكيين: باكٍ يبكي لقتلى صفين خاذل، وباك يبكي لقتلى النهروان ثائر، وإنكم قد دعيتم إلى أمر ليس فيه رضا ولا نصفة، فإن كنتم تريدون الله واليوم الآخر حاكمناهم إلى ظبات السيوف، وأطراف الرماح، وإن كنتم تريدون الدنيا أخذنا لكم العافية). قال في الشافي - عند ذكر هذه الخطبة -: فتنادى الناس من جوانب المسجد: البقية البقية. انتهى. وقال # في كتاب لوامع الأنوار: قال الحسين للحسن @: أجادٌّ أنت فيما أرى من موادعة معاوية؟ قال: نعم. قال: إنا لله وإنا إليه راجعون - ثلاثا -. ثم قال: لو لم نكن إلا في ألف رجل، لكان ينبغي لنا أن نقاتل عن حقنا حتى ندركه، أو نموت وقد أعذرنا. فقال الحسن: فكيف لنا بألف رجل مسلمين؟ إني أذكرك الله يا أخي أن تفسد علي ما أريد، أو ترد علي أمري؛ فوالله، ما آلوك ونفسي وأمة محمد ÷ خيرا؛ إنك ترى ما نقاسي من الناس، وما كان يقاسي منهم أبوك من قبلنا، حتى كان يرغب إلى الله في فراقهم، كل صباح ومساء؛ ثم قد ترى ما صنعوا بي؛ أفبهؤلاء نرجو أن ندرك حقنا؟ إنا اليوم - يا أخي - في سعة وعذر، كما وسعنا العذر يوم قبض نبينا، فسكت الحسين. رواه الإمام الحسن # في الأنوار، والفقيه حميد في الحدائق.