مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الكلام في معنى الإسلام والإيمان]

صفحة 100 - الجزء 1

  أما الذات: فاعلم أن لبعض المعتزلة في ذلك مذهباً، وهو أنه لا فرق بزعمهم بين ذات الباري سبحانه، [وبين غيره من⁣(⁣١)] سائر الذوات في الذاتية لأجل الاشتراك في اللفظ، وأنه سبحانه لا يفارق ما عداه من الذوات إلا بمزية خاصة له لا هي هو ولا هي غيره، ولا شيء ولا لا شيء، وأنه سبحانه لا يستحق لذاته سوى تلك المزية، وما عداها من الصفات الذاتية مقتضى عنها، ونحو ذلك مما قد تكرر ذكره في مواضع من هذا المختصر وغيره.

  وأما مذهب أئمة العترة $: فهو أن ذات الباري سبحانه هي هو، وهو الذي ليس كمثله شيء لا في الذاتية ولا في غيرها، وإذا لم يكن له مِثْلٌ بطل أن يكون له مشارك؛ لعدم الفرق بين المماثلة في الذات والمشاركة، وكذلك المضاهاة والمشابهة.

  وكذلك لا يجوز عندهم $ أن يوصف الباري سبحانه بأنه جنس للذوات، ولا أنه نوع من الموجودات⁣(⁣٢)؛ لأجل كون التجنيس والتنويع مما يدل على الحدث، ولا يجوز أن يوصف به إلا المحدث.

  وكذلك أيضاً لا يجوز عندهم إثبات أمر ليس بشيء ولا لا شيء؛ لأجل كون ذلك نفياً للنفي والإثبات معاً، وإثباتاً لأمر متوسط بينهما، وذلك مما يعلم ضرورة أنه محال، وكل دليل أدى إلى إثبات المحال فهو محال.

  ونظير ذلك في الشاهد ما⁣(⁣٣) ضربوه هم وغيرهم مثلاً لما يعلم ضرورة، وهو قول القائل: زيد لا يخلو إما أن يكون في الدار أو ليس فيها؛ فكما لا يجوز أن يقول قائل: لا هو فيها ولا في غيرها؛ فكذلك لا يجوز أن يقال لا شيء ولا لا شيء، وذلك لأن تجويز إثبات ما لا يعقل أو ما يخالف المعلوم ضرورة يؤدي إلى تجويز إنكار كل معقول، وإلى تجويز إثبات ما لا نهاية له من الجهالات


(١) في نخ: وبين سائر الذوات.

(٢) في (أ): الموجود.

(٣) نخ (ب): مما.