[الكلام في معنى أن الله سبحانه حي قادر عالم، وذكر الاختلاف فيها]
  قالوا: ولا يجوز أن يوصف بأنه أزلي إلا الله سبحانه؛ إذ لو جاز أن يوصف به أكثر من واحد للزم باضطرار تقدير الاجتماع والافتراق، والتماثل أو التضاد أو الاختلاف، وكل ذلك من صفات الحدث الذي هو نقيض الأزل، قالوا: وإذا كان الوصف بالأزل خاصاً لله سبحانه بطل قول المعتزلة بالمشاركة فيه(١).
  ومما استدلوا به على ذلك: دليل العكس الذي يحصل به العلم اليقين لكل عاقل غير مكابر، وهو كون كل شيء لا يخلو من أن يكون قديماً أو محدثاً، قالوا: ومن المعلوم ضرورة أنه لا يجوز أن يتوسط بين هذين الوصفين النقيضين إلا أحد محالين: إما جمعهما معاً، وإما نفيهما معاً.
  قالوا: وقد ثبت بالدليل أن محدِث العالم لا يجوز أن يكون محدَثاً؛ لما في ذلك من تجويز حاجة كل محدَث إلى محدِث إلى ما لا نهاية له، وهو محال بين، وإذا بطل أن يكون محدَثاً وجب باضطرار أن يكون قديماً؛ لعدم الواسطة، وهذا الدليل هو الذي يستدلون به على ما أشبه هذه المسألة من جميع مسائل التوحيد.
  قالوا: ولا سبيل لأحد إلى تجويز التفكر في كيفية قدم الباري سبحانه؛ لأنه قدم لا بوقت، فلذلك لم يجز التفكر فيما قبل القبل؛ لأنه لا قبل لأول وقت خلقه الله سبحانه، وكذلك لا يجوز التفكر فيما بعد البعد، وما فوق الفوق الذي لا فوق له، وما تحت التحت، وما أشبه ذلك مما لا سبيل إليه إلا الخرص والتوهم والتجويز؛ لتعدي حد العقل، وإثبات ما لا يعقل.
[الكلام في معنى أن الله سبحانه حي قادر عالم، وذكر الاختلاف فيها]
  وأما كونه سبحانه حياً قادراً عالماً:
  فاعلم أن للمعتزلة في ذلك أقوالاً:
(١) في (ب): فيهما.